الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَآ إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } * { قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا فَٱسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ }

قوله تعالى:

{ وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَآ إِنَّكَ } - إلى قوله تعالى - { سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } [88- 89]

4953/ [1]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: { وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَآ إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ } أي يفتنوا الناس بالأموال و العطايا ليعبدوه و لا يعبدوك { رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } فقال الله عز و جل: { قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا فَٱسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } أي لا تتبعا سبيل فرعون و أصحابه.

4954/ [2]- قال الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): " قال أمير المؤمنين (عليه السلام)- في حديث طويل، يذكر فيه أن لرسول الله (صلى الله عليه و آله) مثل آيات موسى (عليه السلام): و أما الطمس على أموال قوم فرعون فقد كان مثله لمحمد و علي (عليهما السلام)، و ذلك أن شيخا كبيرا جاء بابنه إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و الشيخ يبكي و يقول: يا رسول الله، ابني هذا غذوته صغيرا، و ربيته طفلا غريرا، و أعنته بمالي كثيرا حتى اشتد أزره، و قوي ظهره، و كثر ماله، و فنيت قوتي، و ذهب مالي عليه، و صرت من الضعف إلى ما ترى، قعد بي فلا يواسيني بالقوت الممسك لرمقي.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) للشاب: ماذا تقول؟ فقال: يا رسول الله، لا فضل معي عن قوتي و قوت عيالي.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) للشيخ: ما تقول؟ فقال: يا رسول الله، إن له أنابير حنطة و شعير و تمر و زبيب و بدر الدراهم و الدنانير و هو غني.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) للابن: ما تقول؟ فقال: يا رسول الله، ما لي شيء مما قال.

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): اتق الله- يا فتى- و أحسن إلى والدك المحسن إليك، يحسن الله إليك. قال: لا شيء لي.

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فنحن نعطيه عنك في هذا الشهر، فأعطه أنت فيما بعده. و قال لاسامة: أعط الشيخ مائة درهم نفقة شهره لنفسه و عياله، ففعل.

فلما كان رأس الشهر جاء الشيخ و الغلام، فقال الغلام، لا شيء لي. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لك مال كثير، و لكنك تمسي اليوم و أنت فقير و قير، أفقر من أبيك هذا، لا شيء لك.

فانصرف الشاب، فإذا جيران أنابيره قد اجتمعوا عليه، يقولون: حول هذه الأنابير عنا، فجاء إلى أنابيره فإذا الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب قد نتن جميعه، و ففسد و هلك، و أخذوه بتحويل ذلك عن جوارهم، فاكترى اجراء بأموال كثيرة فحولوها و أخرجوها بعيدا عن المدينة، ثم ذهب ليخرج إليهم الكراء من أكياسه التي فيها دراهمه و دنانيره فإذا هي قد طمست و مسخت حجارة، و أخذه الحمالون بالاجرة، فباع ما كان له من كسوة و فرش و دار و أعطاها في الكبراء و خرج من ذلك كله صفراء، ثم بقي فقيرا و قيرا لا يهتدي إلى قوت يومه، فسقم لذلك جسده و ضني، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا أيها العاقون للآباء و الأمهات، اعتبروا و اعلموا أنه كما طمس في الدنيا على أمواله، فكذلك جعل بدل ما كان أعده له في الجنة من الدرجات معدا له في النار من الدركات ".

السابقالتالي
2 3