الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ أُقْسِمُ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ } * { وَأَنتَ حِلٌّ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ } * { وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ } * { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِي كَبَدٍ } * { أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ } * { يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً } * { أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ } * { أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ } * { وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ } * { وَهَدَيْنَاهُ ٱلنَّجْدَينِ }

يا طالب البلد الأمين، ويا قارئ الكتاب المبين، اعلم أن الله تعالى أقسم بهذا البلد وقال: { لاَ أُقْسِمُ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ * وَأَنتَ حِلٌّ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ } [البلد: 1-2]؛ أي: حرَّمنا هذا البلد على غيرك وأحللنا لك كل ما تفعل في بلد الوجود من قتل كفرة النفس ومشركها وأسر الهوى وسير قواها، { وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ } [البلد: 3]؛ أي: بحق اللطيفة الفاعلية ونتائجها، { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِي كَبَدٍ } [البلد: 4]؛ يعني: اللطيفة الإنسانية في مكابدة وشدة مع هؤلاء الأضداد المنفِّرة بالطبع [بعها] بعضها عن بعض، منه خلقناه { أَيَحْسَبُ } [البلد: 5] القوى الكافرة { أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ } [البلد: 5] من هواها بقوتها واعتمادها على مكرها، { يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً } [البلد: 6]؛ يعني: أنفق قوتي في مشتهيات الهوى وأسلطها على اللطيفة؛ لتجلب خواطرها النفسية ورجل خاطرها القالبية ويمنعها عن التسليط على أهل البلد.

{ أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ } [البلد: 7]؛ أي: ما يكيد ويمكر؛ بل الله مطلع على جميع ما يخفي ويظهر، { أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ ٱلنَّجْدَينِ } [البلد: 8-10]؛ يعني: ألم نجعل للإنسان هذه القوى؛ يعني: القوة الباصرة وقوة التكلم وزينة التيقن والقوة المميزة بين الخير والشر، أيظن أن لن ير كيده خالقه الذي هداه على تمييز الخاطرين.