الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } * { قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَّ إِحْدَى ٱلْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ } * { قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ } * { وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ ٱلصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ }

{ قُل } [التوبة: 51] يا روح، { لَّن يُصِيبَنَآ } [التوبة: 51] من الموانع، { إِلاَّ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا } [التوبة: 51] لتربية ما يصيبنا من الفترات والوقفات لا علينا من الرد والطرد، { هُوَ مَوْلاَنَا } [التوبة: 51] ولينا ومربينا ومؤدبنا يفعل بنا ما هو صلاح ديننا ولإصلاح حالنا.

{ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } [التوبة: 51] فليثقوا بحسن عاطفته، وليكل أمر تربيتها إلى القلوب والأرواح المؤمنة، { قُلْ } [التوبة: 52] يا روح، { هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ } [التوبة: 52] أيتها النفس وصفاتها بنا، { إِلاَّ إِحْدَى ٱلْحُسْنَيَيْنِ } [التوبة: 52] الإحسان والعواطف الروحانية والوقفة والغيرة الموجبة لحسن التربية والتأديب والتجربة، { وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ } [التوبة: 52] لأنه { أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ } [التوبة: 52] من الابتلاء والمصيبات.

{ أَوْ بِأَيْدِينَا } [التوبة: 52] استيلاء وغلبة لنستعملكم في الطاعات والعبادات، ونمنعكم من المخالفات ومتابعة الهوى وطلب الدنيا وإصغاء لشهواتها، { فَتَرَبَّصُوۤاْ } [التوبة: 52] لنا، { إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ } [التوبة: 52] للظفر بكم.

ثم أخبر عن إنفاق أهل النفاق بقوله تعالى: { قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً } [التوبة: 53] إلى قوله:لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ } [التوبة: 57] يشير إلى أن الطاعة في العبودية بثلاثة أنواع: بالمال، والبدن، والقلب، أمَّا بالمال: فهو الإنفاق في سبيل الله، وأمَّا بالبدن فهو القيام بالأوامر والنواهي والسنن والآداب المستحسنة المستحبة، وأمَّا بالقلب فهو الإيمان والصدق والإخلاص في النية، وأن الطاعة بالمال والبدن مقبولة لقوله تعالى صلى الله عليه وسلم: " نية المؤمن أبلغ من عمله ".

وفي الآية الأولى إشارة أخرى: قل يا روح النفس وصفاتها اتقوا أي: اتركوا ما هو مشتهياتكم ومستلذاتكم من المال والجاه والنعم من المأكولات والمشروبات والمنكوح والملبوس، { طَوْعاً } أي: رضاءً { أَوْ كَرْهاً } أي: نفاقاً، { لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ } [التوبة:53] هذه الرياضة والمجاهدة، { إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ } [التوبة: 53] خارجين عن الإخلاص والإيمان، { وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ ٱلصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ } [التوبة: 54].