الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ } * { قُمْ فَأَنذِرْ } * { وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ } * { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } * { وَٱلرُّجْزَ فَٱهْجُرْ } * { وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ } * { وَلِرَبِّكَ فَٱصْبِرْ } * { فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ } * { فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ } * { عَلَى ٱلْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ } * { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } * { وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً } * { وَبَنِينَ شُهُوداً } * { وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً } * { ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ } * { كَلاَّ إِنَّهُ كان لآيَاتِنَا عَنِيداً } * { سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً }

يا أيها المنذر لا تدثر بدثار القالب، { يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ } [المدثر: 1] من خوف وارد القلب، { قُمْ فَأَنذِرْ } [المدثر: 2] قواك بأمر الرب، { وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ } [المدثر: 3]؛ أي: عظم الرب عما تصفه القوى الكافرة، { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } [المدثر: 4]؛ يعني: طهر بماء الذكر ثياب وجودك ليمكن لك أن تعظم الرب، { وَٱلرُّجْزَ فَٱهْجُرْ } [المدثر: 5]؛ يعني: اهجر الرجز بعد تطهير الثياب؛ لئلا يلوث بالخاطر الهوى، { وَلاَ تَمْنُن } [المدثر: 6] بتكثير؛ يعني: لا تنذر الخلق لنفسك، ولا تنصحهم لحظك، ولا تعط مالك من المعارف الآثارية تريد به وجاهتك حتى يفيض عليك من المعارف الصفاتية، { وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ } [المدثر: 6] في نفسك عين معرفتك حتى يشرفك الله بالمعارف الذاتية، ولا تعمل لله مراقبة جهره لتكون مخلصاً في عملك.

{ وَلِرَبِّكَ فَٱصْبِرْ } [المدثر: 7]؛ يعني: فاصبر على كتمان الأسرار خاصة لأمر الرب وغيره على محذرات أسراره المقدسة؛ لئلا يطلع عليها الأغيار، { فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ } [المدثر: 8]؛ يعني: إذا نفخ في الصور التي هي كالناقور، وفي عالم الأنفس ناقور كل أحد قالبه، والنافخ فيه قوة إسرافيلية كما ذكرنا من قبل، { فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ } [المدثر: 9]؛ يعني: النفخ في القالب في تلك الساعة أمر عسير، { عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } [المدثر: 10]؛ أي: على القوى الكافرة، { غَيْرُ يَسِيرٍ } [المدثر: 10] ليس بعده عسرة رجاء اليسر.

{ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } [المدثر: 11]؛ يعني: أيتها اللطيفة الخفية المنذرة ذرني ومن خلقت من القوى وحيداً من غير شريك، { وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً } [المدثر: 12]؛ يعني: جعلت له استعدادات كثيرة، وأعطيته آلات وأدوات لأجل الكسب، { وَبَنِينَ شُهُوداً } [المدثر: 13]؛ يعني: بنتائج شاهدين لها مأمور بأمرها معينين على كسبها، { وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً } [المدثر: 14]؛ يعني: بسطت له بساط العيش على أحسن وجه خيراً من لطائف النباتات والحيوانات العلوية والسفلية، { ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ } [المدثر: 15] بعناده وكفرانه؛ يعني: { كَلاَّ } [المدثر: 16]؛ أي: ليس الأمر كما ظن، { إِنَّهُ كان لآيَاتِنَا عَنِيداً } [المدثر: 16] كما بينا له أنه عاند اللطيفة المنذرة والآية البينة معاندة جحوداً وإنكارا { سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً } [المدثر: 17] سأكلفه اليوم مشقة دائمة صاعدة أبد الآباد.