الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يٰشُعَيْبُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ } * { قَدِ ٱفْتَرَيْنَا عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا ٱللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّعُودَ فِيهَآ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا ٱفْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِٱلْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْفَاتِحِينَ } * { وَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَئِنِ ٱتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ } * { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ }

ثم أخبر عن المستكبرين وعاقبة الكافرين بقوله تعالى: { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ } [الأعراف: 88] إلى قوله: { جَاثِمِينَ } [الأعراف: 91]، الإشارة فيها: أن في قوله تعالى: { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ } إلى قوله: { جَاثِمِينَ } ، إشارة إلى أن من شأن المتكبرين ودأب المتحيرين استعداد على الأزل وذلك لما فيهم من نظر التنعم وطغيان الاستغناء في دعمه الاستبداد، ولمَّا كان حب الدنيا رأس كل خطيئة، وفتنتها أعظم من كل بلية جعل الله تعالى أهلها في البلاد سبباً للهلاك والفساد، كما قال تعالى:وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا } [الإسراء: 16].

وقوله تعالى: { أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا } [الأعراف: 88]، يشير إلى التأهل للخير كما لا يميلون إلى أشكالهم، فكذلك أهل الشر لا يرضون لمن رأوا، وإلا بأن يساعدهم على ما هم عليه من أحوالهم، والأوحد في بابه من باين نهج إضرابه، { قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ } [الأعراف: 88]؛ يعني: نعود في ملتكم ونقول لكم: قد جعلنا الله معكم فنكون من المغترين، { عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا ٱللَّهُ } [الأعراف: 89] من حكم في القسمة الأزلية وتغيرها، { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّنَا } [الأعراف: 89] وأن يغيرها، { وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً } [الأعراف: 89]؛ أي: لأن واسع علمه الأزلي يسع فيه أن يقدر شيئاً على أنه يمحوه في وقته ما ويقدر شيئاً على أنه يثبته، كما قال تعالى:يَمْحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ } [الرعد: 39].

{ عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا } [الأعراف: 89] أي: تيقناً بالله أن تثبتنا على ما قدر لنا من الدين ولا يغتر علينا الحال، ثم انقطعوا عن الخلق قالوا: { رَبَّنَا ٱفْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِٱلْحَقِّ } [الأعراف: 89]؛ أي: أحكم بيننا وبينهم بإظهار ما قدرت لنا، من أمن خاتمة السوء، { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْفَاتِحِينَ } [الأعراف: 89] الحاكمين بين أهل الحق والباطل، { وَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ } [الأعراف: 90] لغاية جهالتهم ونهاية ضلالتهم، { لَئِنِ ٱتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ } [الأعراف: 90] فمن أعماهم رأوا الحق باطلاً، والباطل حقاً، والفلاح خسراناً والخسران فلاحاً، { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ } [الأعراف: 91] فصارت صورتهم تبعاً لمعناهم فإنهم كانوا جاثمين الأرواح في ديار الأشباح.