الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ } * { فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَٰقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ ٱلنَّٰصِحِينَ } * { وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن ٱلْعَالَمِينَ } * { إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ } * { وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَخْرِجُوهُمْ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } * { فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرِينَ } * { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَراً فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ }

{ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ } [الأعراف: 78] رجفة الموت، { فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ } [الأعراف: 78]؛ أي: دار قالبهم جاثمين، جاثمين جثوم الموت ولزوم الفوت، { فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ } [الأعراف: 79] الروح العلوي، { وَقَالَ يَٰقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي } [الأعراف: 79]؛ يعني: أخبرتكم أيتها النفس وصفاتها عن الأخلاق الحميدة التي أرسله الله معي، { وَنَصَحْتُ لَكُمْ } [الأعراف: 79]؛ لتتصفوا بها وتتخلقوا بأخلاقي، { وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ ٱلنَّٰصِحِينَ } [الأعراف: 79]؛ لأن قول الناصح ثقيل والحق مر، وهي تستفيد أن البغضة كما قال فافهم:
وَكَمْ سُقْتُ في آثارِكُم مِن نَصيحةٍ   وَقَدْ يَستفيدُ البغْضَةَ الْمُسْتَنْصِحُ
وذلك أيضاً من حبَّاته أرض النفس الخبيثة ألاَّ تقبل بدر النصيحة ولم يتب فيها.

ثم أخبر عن قوم لوط عليه السلام وفواحشهم بقوله تعالى: { وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن ٱلْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ } [الأعراف: 80-81]، الإشارة فيها: أن في قوله تعالى: { وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ } الآيتين دالة على أن اللواطة فاحشة، وإسراف ما سبق الإنسان بها من الجن والشياطين والحيوانات كلها، وأنها أفحش الفواحش وأقبحها؛ لأن الله تعالى ما أمطر الحجار على أهل الذنوب العظام، مثل: الزنا والعقوق والسرقة والقتل بغير الحق وغير ذلك من الكبار حتى الشرك.

ومن معاملاتهم ما قال عنهم. { وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَخْرِجُوهُمْ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } [الأعراف: 82] عابوا عليهم ما أحبه الله تعالى وهو التطهر لقوله تعالى:إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلتَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ ٱلْمُتَطَهِّرِينَ } [البقرة: 222] وأتوا بما أبغضه وهو الإسراف لقوله تعالى:إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ } [الأعراف: 31]، { فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ } [الأعراف: 83] حجة لهم، { إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرِينَ } [الأعراف: 83] الهالكين بغضاً لها ولهم، { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ } [الأعراف: 84] من سحاب القهر، { مَّطَراً } [الأعراف: 84] من الخذلان بالغفلة حتى لم يتوبوا من أفعالهم، ولم يرجعوا من أعمالهم، { فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ } [الأعراف: 84] المصرين على فاحشتهم.