الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَقَالُوۤاْ أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُواْ وَتَوَلَّواْ وَّٱسْتَغْنَىٰ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } * { زَعَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَن لَّن يُبْعَثُواْ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } * { فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱلنّورِ ٱلَّذِيۤ أَنزَلْنَا وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }

{ ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ } [التغابن: 6]، يعني: اللطائف المرسلة المنذرة والمبشرة، أتوا إلى القوى القالبية والنفسية بالآيات الأنفسية البينة؛ { فَقَالُوۤاْ } [التغابن: 6]، يعني: القوى القالبية والنفسية { أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا } [التغابن: 6]، يعني: هذه اللطائف أيضاً من أصل عنصرنا يهدوننا؛ { فَكَفَرُواْ وَتَوَلَّواْ } [التغابن: 6]، أي: أعرضوا عن اللطائف المرسلة، { وَّٱسْتَغْنَىٰ ٱللَّهُ } [التغابن: 6]، عن إقبالهم على اللطائف المرسلة، وإيمانهم بما جاءوا؛ لأن الله خلقهم مظاهر صفات لطفه وقهره، من أعرض صار مظهراً لقهره، ومن أقبل صار مظهراً للطيفة اللطيفة، والله مستغني عنهم؛ ولكنهم متألمون إذا صاروا مظاهر قهره، متنعمون إذا صاروا مظاهر لطفه؛ لوجدانهم الألم المقيم والعذاب الدائم الأليم، ووجدانهم لذة السرور والحضور في دار النعيم؛ فلأجل هذا غير مستغنين عن أن يؤمنوا ليتخلصوا من العذاب ويستسعدوا باللذّات { وَٱللَّهُ غَنِيٌّ } [التغابن: 6]، يعني: عن إيمان المؤمن والكافر، { حَمِيدٌ } [التغابن: 6]، في أفعاله لإتمام المظاهر.

{ زَعَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَن لَّن يُبْعَثُواْ } [التغابن: 7]، من قبور القالب { قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ } [التغابن: 7]، قل يا أيتها اللطيفة الحقية: بلى وحق ربي لتبعثن من قبور القالب { ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ } [التغابن: 7]، أي: لتجزن { بِمَا عَمِلْتُمْ } [التغابن: 7]، في دار الكسب باستعداد القوى السفلية والعلوية { وَذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } [التغابن: 7]، يعني: بعثكم وحسابكم بعد خلقكم أهون من خلقكم قبل وجودكم.

{ فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱلنّورِ ٱلَّذِيۤ أَنزَلْنَا } [التغابن: 8]، يعني: أيتها القوى القالبية والنفسية آمنوا بالذي خلقكم وصوركم في أحسن صورة، وباللطيفة المرسلة إليكم وبالنور الوارد الذي أنزلنا عليها { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } [التغابن: 8]، من النقير والقمطير.