الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلِ ٱللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ } * { قُلْ هُوَ ٱلْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ٱنْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ } * { وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ ٱلْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } * { لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ }

قال الله تعالى: { قُلِ ٱللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِّنْهَا } [الأنعام: 64]؛ أي: من ظلمات الخلقية يرش النور عليكم فإنه من لم يجعل الله له نوراً فما له من نور { وَمِن كُلِّ كَرْبٍ } [الأنعام: 64]، أي: هو الذي نجيكم من كل آفة وبلاء وفتنة { ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ } [الأنعام: 64]؛ يعني: حين تجلى لكم نور من أنوار صفاته فبعضكم يشرك به ويقول أنا الحق وبعضكم يقول سبحان ما أعظم شأني { قُلْ هُوَ ٱلْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ } [الأنعام: 65]، حين تقولون آثار الحق وسبحاني أعظم شأني { عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ } [الأنعام: 65]، بأن يرخي حجاباً بينه وبينكم يعذبكم به عزة وغيرة { أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ } [الأنعام: 65]، أي حجاباً من أوصاف بشريتكم باستيلاء الهوى عليكم { أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً } [الأنعام: 65]، يجعل الخلق فيكم فرقاً، فرقة يقولون هم الصديقون وفرقة يقولون هم الزنادقة { وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ } [الأنعام: 65]، بالقتل وبالصلب وقطع الأطراف كما فُعل بابن منصور { ٱنْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ } [الأنعام: 65]، أي: آيات المعارف وإعلام الهدى إلى الله تعالى والسالكين طريقه { لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ } [الأنعام: 65]، شرائط السير وآداب السلوك، ولا يفقهون ما في مقام دون الفناء عن كلمته، الوجود والبقاء بشهود المعبود { وَكَذَّبَ بِهِ } [الأنعام: 66]، بهذا المقام { قَوْمُكَ } [الأنعام: 66]، المنكرون منكم { وَهُوَ ٱلْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } [الأنعام: 66]، لأسلك طريق هذا المقام بوكالتكم؛ لأنه ليس لإنسان إلا ما سعى وإن سعيه سوف يرى، كما قال تعالى: { لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } [الأنعام: 67]؛ يعني: لكل سائر وواقف مستقر من درجات القرب ودركات البعد، فإذا انتهى إلى مستقره تبين له حقيقة ما قررناه هو العرض الأكبر.