الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِيۤ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمآ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } * { ٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُمْ مِّن نِّسَآئِهِمْ مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ ٱللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ ٱلْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } * { وَٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }

أيتها القوى القابلة المجادلة مع القوة الفاعلة المماثلة بشكل العلم أن الله يسمع تحاوركما في وجود المحارث على وفق ما يعلم بعلم القدم، والعلم يظهر ما في القدم على القدم من الحكم ولا تحسبي أن ما يقول الله تعالى في كتابه المحكم { قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِيۤ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمآ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } [المجادلة: 1] يكون سمعه مثل سمعك، وتجدد له العلم في استماع تحاوركما مما لم يكن به عالم، أو لم يكن لتحاوركما سميعاً لئلا تكفري بذات الله وصفاته تعالى وتقدس عما يصفه الكافرون والمشتهون والمعطلون.

واعلم أيها السالك أن القوة الفاعلة الروحانية ربما تسأم من القوة القابلة الجسمانية عند إيصال الذكر إلى وجوده باشتغالها بالوارد الجديد وضبطه، وجعل القوة القابلة كظهر أمها وهي اللوح فتشكو القوة القابلة إلى ربها من القوة الفاعلة المعرضة عنها، فيرحم الله على شدة حرصها على ذوق الذكر، وأوحى اللطيفة الخفية بأني سمعت تحاوركما يعني: مراجعتكما الكلام في مراجعة القوة القابلة، وإني سميع بصير أسمع مناجاة من يناجني، ويتضرع إلي وأبصر أحوال المشتكي والمشتكى عنه، وأقول { ٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُمْ مِّن نِّسَآئِهِمْ مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ ٱللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ } [المجادلة: 2] يعني: ليس الظاهرة في حساب؛ لأنه كلام كذب تكلم به الرجل على وفق هواه من غير أن يكون له حقيقة، وليست القوة القابلة الجسمية مثل القوة القابلة الروحية في المرتبة، فكيف يكون حراماً على القوى الفاعلة الروحية، والقوى الفاعلة الروحية ليست مثل قوة العلم الفاعل؛ لأنه في قبضته تعالى وتقدس، فالواجب للقوة الفاعلة المراجعة للقوة القابلة والاشتغال بالذكر اللساني؛ ليوصل الحرارة إلى القلب الصنبوري الشكل؛ لأن هذا القلب الصنبوري الشكل مثل الفرج للقوة القابلة، واللسان مثل الذكر للقوة الفاعلة وحرارته وريحه مثل القوة التي تظهر للذكر عند النهوض في العالم الجسماني، فإن في العالم الروحاني يكون صورة الذكر التلقيني مثل الذكر والقلب الحقيقي الذي هو معدن الفقه مثل الفرج، وهلم جرا إلى أن يصل إلى اللوح والقلم ومعرفة مماثلة اللسان والذكر والقلم والألف وآدم من حد القرآن مما لايؤذن إفشاؤه.

فاعلم أن المظاهر ليست بشيء والمراجعة واجبة للقوة الفعلية؛ لأن الله تعالى يقول: { وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ ٱلْقَوْلِ وَزُوراً } [المجادلة: 2] يعني: منكراً لإيمان القابل في مقام النكرة اضطر إلى هذا القول المنكر لا في مقام المعرفة؛ لأن المعرفة تمنعه عن ترك الذكر اللساني ولو كان واصلاً كاملاً؛ لأن القوة ما دامت المرابطة واصلة بين الروح والبدن الاشتغال بالعبادة البدنية واجب، وتركها لصار متروكاً نعوذ بالله منه وزوراً؛ لأن القوة القابلة تحت القلم وبعبارة أخرى يسمونه العقل { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } [المجادلة: 2] يعني: يعفو ويغفر ذنب الجاهل تحقيقه فعله إثر الذنب ويتوب بعد علمه بأن تلك الفعلة كانت ذنباً، ويكفر عن قوله كما أوجب عليه الحق كفارة لذلك القول الزور عقوبة لقائله؛ لئلا يكلم بتلك الكلمة بعد.

السابقالتالي
2