الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ } * { يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَٱرْتَبْتُمْ وَغرَّتْكُمُ ٱلأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ } * { فَٱلْيَوْمَ لاَ يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلاَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ هِيَ مَوْلاَكُمْ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ وَلاَ يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }

{ قِيلَ ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً } [الحديد: 13]؛ يعني: ارجعوا إلى عالم الكسب واكسبوا النور باستعدادكم، ولا يمكن لكم الرجوع؛ لأنكم أقبلتم على ظلمات الطبيعة وأعرضتم عن نور اللطيفة الخفية، خلفتم النور وراءكم وقدمتم الظلمات أمامكم، { فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ } [الحديد: 13]؛ يعني: بين القوى المؤمنة والمنافقة، يضرب الله بسور قوى القالبية الظلماني له باب من رابطة كانت بين القالب والروح { بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ } [الحديد: 13]؛ يعني: باطن قوى القالب المطهرة رحمة للمؤمنين، وظاهر قوى القالب المكدرة عذاب للمنافقين.

{ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ } [الحديد: 14] في دار الكسب، { قَالُواْ } [الحديد: 14]؛ يعني: القوى المؤمنة { بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ } [الحديد: 14] بالشهوات العاجلة واتباع الهوى، وإنكار الحق والإقبال على الباطل، والغفلة عن ذكر المولى، { وَتَرَبَّصْتُمْ } [الحديد: 14] بهلاك اللطيفة بالخفية، { وَٱرْتَبْتُمْ } [الحديد: 14]؛ أي: شككتم بالسرائر، { وَغرَّتْكُمُ ٱلأَمَانِيُّ } [الحديد: 14] والآمال الكاذبة، { حَتَّىٰ جَآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ } [الحديد: 14]؛ يعني: حتى جاء أمر الحق بكشف الغطاء وشاهدتم وتيقنتم، ولا سبيل لكم إلى الرجوع إلى دار الكسب، { وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ } [الحديد: 14]؛ يعني: غركم الشيطان بتسويله وتسويفه وخداعه ومكره حتى أوردكم النار.

{ فَٱلْيَوْمَ لاَ يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلاَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } [الحديد: 15]؛ لأن الأمر بيد غيركم، والآلات والأدوات بها يمكن الكسب متنزعة عنكم، وهي كانت عادية عنكم والعادية مردودة لا محالة، وما كسبتم بتلك الآلات لأنفسكم قالوا ما لكم بتضييع الأوقات ونزع الآلات والأدوات، ثم ويل بعد ويل بكسب الشقاوة الأبدية بتلك الاستعدادات، { مَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ } [الحديد: 15] التي أنتم أشعلتموها في دار الكسب، { هِيَ مَوْلاَكُمْ } في دار الجزاء، { وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } [الحديد: 15]؛ يعني: بئس مرجعكم وبئس مولاكم.