الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ } * { تَنزِعُ ٱلنَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ } * { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } * { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } * { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِٱلنُّذُرِ } * { فَقَالُوۤاْ أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ إِنَّآ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ } * { أَءُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ } * { سَيَعْلَمُونَ غَداً مَّنِ ٱلْكَذَّابُ ٱلأَشِرُ } * { إِنَّا مُرْسِلُواْ ٱلنَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَٱرْتَقِبْهُمْ وَٱصْطَبِرْ }

{ إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً } [القمر: 19] شديدة الهبوب من ريح هواهم المكدرة { فِي يَوْمِ نَحْسٍ } [القمر: 19] ريحية من أيام عنصره { مُّسْتَمِرٍّ } [القمر: 19] دائم بنحوسيته، { تَنزِعُ ٱلنَّاسَ } [القمر: 20]؛ أي: تقلع القوى الريحية الهوائية شجرة القوى الناسية التناسية مع أغصان إنسانيتها، وترمي بها على رقبة روحانيتهم { كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ } [القمر: 20]، منقطع من مكانه ساقط أرض البشرية لميلانه إلى الهوى، وإشارته إلى النخل في هذا المقام كانت لحكمه؛ وهي أن النخل أفق النباتات القريبة إلى حد الحيوان.

واعلم أن الأيام سبعة، فبإزاء كل مفردة سفلية وعلوية، فالسبت يوم التراب، والأحد يوم الماء، والاثنين يوم الهواء، والثلاثاء يوم النار، والأربعاء يوم النور، والخميس يوم الحياة، والجمعة يوم الوجود، وبياضية جوهرية صور هذه المفردات يومها، وسوادية مادية قابلية هذه المفردات إليها، وكشف سر أيامها ولياليها بتعلق بحد القرآن.

واعلم لطيفة أخرى في خصوصية كل يوم من الأيام بلطيفة من اللطائف السبع، فالسبت مختص باللطيفة القالبية الآدمية، والأحد مختص باللطيفة النفسية النوحية، والاثنين مخصوص باللطيفة القلبية الإبراهيمية، والثلاثاء مخصوص باللطيفة السرية الموسوية، والأربعاء مخصوص باللطيفة الروحية الداودية، والخميس مخصوص باللطيفة الخفية العيسوية، والجمعة مخصوص باللطيفة الخفية المحمدية؛ ولأجل هذا استوى الرحمن على عرش الجمعة، واستوت الأيام الستة على عرش الجمعة.

كما أشار إلى هذا السر في كلامه المجيد، حيث قال:ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } [الأعراف: 54]، واعلم أن عرش حكمته القالب الشهادي، وعرش قدرته اللطيفة القالبية، وعرش إرادته اللطيفة النفسية، وعرش علمه اللطيفة القلبية، وعرش كلامه اللطيفة السرية، وعرش بصره اللطيفة الروحية، وعرش علمه اللطيفة الخفية، وعرش حياته اللطيفة الخفية التي كانت اللطائف بها قائمة، { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } [القمر: 21]؛ يعني: تفكر أيها القارئ في كيفية عذابي وتذكر أيها المتذكر إجابة دعاء النذر، { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } [القمر: 22]؛ يعني: سهلنا قراءة كلامنا على الألسنة، فهل من يتذكر بالقلب من الآيات التي يقرأها باللسان.

{ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِٱلنُّذُرِ } [القمر: 23]؛ يعني: القوى القالبية المكذبة، كذبت اللطيفة المطهرة المرسلة إليها، وإنذارها بالآيات البينة القهرية المنزلة على القوى القالبية المكذبة السالفة، { فَقَالُوۤاْ أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ إِنَّآ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ } [القمر: 24]؛ يعني: هذا المنذر بشر مثلنا واحد منا، كيف نتبعه ونترك آلهة هدانا؟ ولو نترك دين طبيعتنا المستقيمة التي صارت عادتنا، إنما إذا ألقي خطأ وبعد عن الحق، ولا يكون هذا إلا من قلة عقلنا وهيماننا في أمرنا، { أَءُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا } [القمر: 25] وحده مع أن فينا من كان أحسن منه وجهاً، وأنظف ثياباً وأكثر أموالاً وتبعاً، { بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ } [القمر: 25] متكبر بطر يريد أن يتفوق علينا ويتخذنا هزواً، ويستخدمنا فيما يشاء.

السابقالتالي
2