الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ } * { فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ ٱلسَّمَآءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ } * { وَفَجَّرْنَا ٱلأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى ٱلمَآءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ } * { وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ } * { تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَآءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ } * { وَلَقَدْ تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } * { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } * { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } * { كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ }

{ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ } [القمر: 10]؛ يعني اللطيفة النفسية دعت ربه: إني مغلوب من غلبة القوى المكذبة والمنكرة، فانصرني بالوارد القهري، { فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ ٱلسَّمَآءِ } [القمر: 11] الصدر { بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ } [القمر: 11] بماء الوارد القهري منصباً على أرض البشرية، { وَفَجَّرْنَا ٱلأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى ٱلمَآءُ عَلَىٰ أَمْرٍ } [القمر: 12]؛ يعني: غلب ماء سماء الصدر على ماء عنصرية أرض البشرية { عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ } [القمر: 12] على حد قدرناه وأمرناه { وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ } [القمر: 13]؛ يعني: حملنا اللطيفة النوحية على سفينة شريعتها، التي هي ذات ألواح سرية ودسر خفية؛ والدسر المسامير، { تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا } [القمر: 14]؛ أي: بحفظنا ومراء منا على وجه الماء، وأغرقنا القوى المكذبة المنكرة لآياتنا في ماء الوارد الظاهر { جَزَآءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ } [القمر: 14]، وهو الاستعداد المخصوص بالنفس كفر باللطيفة النفسية، النفس قدر جوهرها،؛ وهي نعمة من الله تعالى كفر بها وبآياتنا وكذب اللطيفة المرسلة.

{ وَلَقَدْ تَّرَكْنَاهَا آيَةً } [القمر: 15]؛ يعني: هذه الحالة تركناها في النفوس علامة بعينه للسالكين طريقتنا، { فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } [القمر: 15]؛ أي: متعظ متذكر في نفسه بأن هذه الحالة كيف وقعت لي؟ وما معنى هذه الواقعة، وكنت في بداية وصولي إلى هذه الواقعة؟

حكيت لأحد من خلاني: إني رأيت اليوم واقعة مثل واقعة نوح عليه السلام، ورأيت أيضاً قيام القيامة، فضحك وقال: القيامة الموعودة المستقبلة، والواقعة النوحية الماضية كيف يجتمعان في حالة واحدة؟ فلما تفرست منه قلة علمه بالطريق وإنكاره للآية سكت، وقلت في نفسي: كما يقول: أين المدكر { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } [القمر: 16]؛ يعني: أين من يتذكر كيفية العذاب الواقع؟ ويتفكر في إنزال النذر والمواعظ ويتعظ به.

{ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ } [القمر: 17]؛ يعني: سهلنا لمن لم يكن أهلاً لورود عليه قراءة القرآن على اللطيفة المرسلة المبلغة؛ ليذكروا الآيات التي بيَّنا فيه ويتعظوا بها وينتفعوا بها، { فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } [القمر: 17]؛ أي: من متعظ بآيات القرآن الذي سيرنا عليها قراءته، { كَذَّبَتْ عَادٌ } [القمر: 18]؛ يعني: قوى العادية الفانية القالبية كذبت اللطيفة المستخلصة من كدورات الهوى المرسلة، { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } [القمر: 18] انظر كيف وصل إليهم عذابي وإنذاري.