الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ ٱلْغُرُوبِ } * { وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ ٱلسُّجُودِ } * { وَٱسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ ٱلْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } * { يَوْمَ يَسْمَعُونَ ٱلصَّيْحَةَ بِٱلْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلْخُرُوجِ } * { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِـي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا ٱلْمَصِيرُ } * { يَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ } * { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِٱلْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ }

وبقوله: { فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ } [ق: 39]، يشير إلى تربية النفوس بالصبر على ما يقول الجاهلون، من كل نوع من المكروهات وتزكيتها عن الصفات المذمومات، بملازمة الذكر والتسبيحات والتحميدات { قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ } [ق: 39]؛ يعني: من أول النهار، { وَقَبْلَ ٱلْغُرُوبِ } [ق: 39]؛ يعني: آخر النهار، { وَمِنَ ٱللَّيْلِ } [ق: 40]؛ أي: من جميع الليل بقدر الوسع والطاقة، { فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ ٱلسُّجُودِ } [ق: 40]؛ يعني: بعد الصلاة.

وبقوله: { وَٱسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ ٱلْمُنَادِ } [ق: 41]، يشير إلى مراقبة القلوب بعد انقضاء أوقات الذكر؛ لاستماع نداء الهواتف الغيبية والإلهامات الربانية والإشارات الإلهية { مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } [ق: 41].

{ يَوْمَ يَسْمَعُونَ } [ق: 42]، وهو قلب النفوس { ٱلصَّيْحَةَ بِٱلْحَقِّ } [ق: 42]، من جناب الحق بتجلي صفاته، { ذَلِكَ يَوْمُ ٱلْخُرُوجِ } [ق: 42] عن ظلمات البشرية إلى نور الروحانية والربانية.

{ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِـي } [ق: 43] القلوب الميتة، { وَنُمِيتُ } [ق: 43] النفوس المحبة، { وَإِلَيْنَا ٱلْمَصِيرُ } [ق: 43] لمن ماتت نفسه وحيي قلبه، وذلك { يَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلأَرْضُ } [ق: 44]؛ أي: أرض الوجود { عَنْهُمْ سِرَاعاً } [ق: 44] بجذبة الحق تعالى، { ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ } [ق: 44]، بإفناء وجودكم وإبقائكم بوجودنا.

{ نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ } [ق: 45]، هذا خطاب لمع القلب؛ يعني: ما أنت على النفس وصفاتها بمسلط، { فَذَكِّرْ بِٱلْقُرْآنِ } [ق: 45]؛ أي: بدقائق معانيه وحقائق أسراره { مَن يَخَافُ وَعِيدِ } [ق: 45]؛ يعني: بعض النفوس القابلة لتذكر القرآن ووعيده، فإنه ليس من نفس قابلة له.