الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ ٱلنَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } * { وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقْطَعُوۤاْ أَيْدِيَهُمَا جَزَآءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } [المائدة: 36]، بإخطاء النور { لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ } [المائدة: 36]؛ لدفع عذاب نار القطيعة بكفرهم،إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ } [المائدة: 27] لا من الكافرين { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [المائدة: 36]، من الحسرة والحرمان والقطيعة والكفر { يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ ٱلنَّارِ } [المائدة: 37]، الخذلان { وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا } [المائدة: 37]؛ لأنهم خلقوا لدركات النيران { وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } [المائدة:37]، من بدء الخلقة بإخطاء ذلك النور إلى الأبد لاستحالة خروجهم عن ظلمة الوجود، فافهم جيداً.

ثم أخبر عن نكال السارقين وقبول التائبين بقوله تعالى: { وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقْطَعُوۤاْ أَيْدِيَهُمَا } [المائدة: 38]، إلى قوله { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [المائدة: 40]، والإشارة فيهما أن السارق والسارقة كانا مقطوعي الأيدي عن قبول رشاش النور وإصابة في بدء الخلقة فكان تطاول أبدانهما اليوم إلى أسباب الشقاوة من نتائج قصر أيديهما اليوم { جَزَآءً بِمَا كَسَبَا } [المائدة: 38]، الآن في عالم القوة { نَكَالاً مِّنَ ٱللَّهِ } [المائدة: 38]، تقديراً في الأزل وإخطاء لرشاش النور { وَٱللَّهُ عَزِيزٌ } [المائدة: 38]، قاهر [غالب لا فعل له إلا الصواب]، { حَكِيمٌ } [المائدة: 38]، ولحكمته قبل من قبل بإصابة النور { فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ } [المائدة: 39]، فيه إشارة إلى أن السرقة منه ما كانت من نتائج أخطاء النور، وإنما كانت من وضع الشيء في غير موضعه حتى تاب منها { وَأَصْلَحَ } [المائدة: 39]، بالإنابة إلى الله وترك الدنيا ما أفسد من حسن الاستعداد الفطري بالحرص على الدنيا { فَإِنَّ ٱللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ } [المائدة: 39]، يعني: ينظر إليه ينظر العناية الأزلية حتى تاب { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ } [المائدة: 39]، لرياضات النور هناك { رَّحِيمٌ } [المائدة: 39]، به بأن تاب عليه.

{ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ } [المائدة: 40]، هو الذي { لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } [المائدة: 40]، وليس له شريك في الملك يتصرف في ملك مماليكه كيف يشاء { يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ } [المائدة: 40]، بإخطاء النور إظهار القهر { وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ } [المائدة: 40]، بإصابة النور إظهاراً للطفه ومشيئته { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } [المائدة: 40]، من إظهار اللطف والقهر { قَدِيرٌ } [المائدة: 40].