الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُوْلَـۤئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ } * { يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } * { وَلَقَدْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ ٱثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ ٱلصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ ٱلزَّكَاةَ وَآمَنتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ }

{ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } [المائدة: 10]، تداركهم الخذلان حتى { وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُوْلَـۤئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ } [المائدة: 10]، الذين كانوا يوم الميثاق في الصف الرابع فما فهموا أخطابنا ولا صوبوا جوابنا فاستوجبوا عتابنا واستحقوا عقابنا.

ثم ذكر أهل العناية بما أنعم عليهم في البداية فقال تعالى: { يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [المائدة: 11]، بما عاينوا { ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } [المائدة: 11]، في بدء الخلقة حين أراد أن يخرجكم من ظلمة العدم إلى نور الوجود بأمر { كُن } { إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ } [المائدة: 11]؛ ليؤخروكم عن الخروج من العدم ويسبقوكم بالخروج إلى الوجود { فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ } [المائدة: 11]، لتكونوا أنتم السابقون ويباهي به النبي صلى الله عليه وسلم وتقولون نحن الآخرون السابقون يعني: الآخرون بالصورة، السابقون بالروح في الخروج عن العدم { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } [المائدة: 11]، في الرجوع إلى العدم لتتقوا بالله عما سوى الله، والله يعلم أن رجوعكم إلى العدم ليس لكم ولا إليكم كما لم يكن خروجكم بكم فإن خروجكم كان بجذبة أمر كن فلذلك رجوعكم لا يكون إلا بجذبة أمرٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ } [الفجر: 28]، فكونوا واثقين بكرم الله وفضله شارعين في طلب مرضات الله جاهدين على وفق الأوامر والنواهي في الله؛ ليهديكم إلى جذبات عنايته { وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } [المائدة: 11]، بهذه الكرامات المجتهدون لنيل هذه السعادات فإنه يبلغهم.

ثم أخبر عن ميثاق اليهود ونقضهم العهود بقوله تعالى: { وَلَقَدْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ } [المائدة: 12]، والإشارة أن الله تعالى لما أخذ ميثاق بني إسرائيل أخذ ميثاق هذه الأمة يوم الميثاق ولكن أخذ ميثاق بني إسرائيلأَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ } [هود: 2]، وأخذ ميثاق هذه الأمة أنيُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } [المائدة: 54]، ولا يحبوا غيره، فلما كان ميثاق بني إسرائيل منهم لا من الله فنقضوا الميثاق وعبدوا العجل وقتلوا الأنبياء، ولما كان ميثاق هذه الأمة من الله ثم منهم بقولهيُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } [المائدة: 54]، بذلوا في الله أرواحهم وما بذلوا بعهدوهم ومحبوبهم وما نقضوا ميثاقهم وعهودهم كما قال تعالى:مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً } [الأحزاب: 23]، ومن كمال عنايته مع هذه الأمة أنه تعالى جعل في أمة موسى عليه السلام النقباء المختارين المرجوعين إليهم عند الضرورة اثني عشر لقوله تعالى: { وَبَعَثْنَا مِنهُمُ ٱثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً } [المائدة: 12]، جعل في هذه الآمة من النجباء البدلاء وأعزة الأولياء أربعين رجلاً في كل حال وزمان.

كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " يكون في هذه الأمة أربعون على خلق إبراهيم عليه السلام وسبعة على خلق موسى عليه السلام وواحد على خلق محمد صلى الله عليه وسلم "

السابقالتالي
2 3