الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُواْ هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأْصْبَحُواْ لاَ يُرَىٰ إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ } * { وَلَقَدْ مَكَّنَاهُمْ فِيمَآ إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُواْ يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَحَاقَ بِهم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ }

{ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً } ، فيه إشارة إلى أنه تعرض في سماء القلوب تارة عارض يعرض { مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ } [الأحقاف: 24]، فيمطر مطر الرحمة يحي به الله أرض البشرية، فينبت منها الأخلاق الحسنة والأعمال الصالحة، وتارة يعرض عارض { قَالُواْ هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِ } [الأحقاف: 24] بسوء أخلاقكم وفساد أعمالكم، { رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } [الأحقاف: 24].

{ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ } [الأحقاف: 25]، تدمر كل شيء من الأخلاق الحميدة { بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأْصْبَحُواْ لاَ يُرَىٰ إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ } [الأحقاف: 25]؛ أي: أشخاصهم خالية عن الأخلاق والآداب والأعمال الصالحة، وقلوبهم فارغة من الصدق والإخلاص والرضاء والتسليم، { كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ } [الأحقاف: 25]، المعرضين عن الحق المقبلين على الباطل.

ثم أخبر عن تبيين أهل التمكن بقوله تعالى: { وَلَقَدْ مَكَّنَاهُمْ فِيمَآ إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً } [الأحقاف: 26]، يشير إلى أن هذه الآلات أسباب تحصيل التوحيد، ولكن لمن يشأ الله به خيراً، { فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ مِّن شَيْءٍ } [الأحقاف: 26]؛ أي: من التوحيد؛ إذ لم يشأ الله بهم خيراً ما جحدوا وما استهزءوا.