الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { هَـٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِٱلْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْمُبِينُ } * { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَفَلَمْ تَكُنْ ءَايَٰتِى تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنتُمْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ } * { وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَٱلسَّاعَةُ لاَ رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا ٱلسَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ }

ثم أخبر عن أحوال القيامة وأهوالها بقوله تعالى: { وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا } [الجاثية: 28]، يشير إلى عجز العباد، وألاَّ قوة لهم فيما كتب الله عليهم في الأزل، وألاَّ يصيبهم في الدنيا والآخرة إلا ما كتب الله لهم، وهذا حقيقة قوله: { كُلُّ أمَّةٍ تُدْعَىٰ } في أعمالهم، { كِتَابِهَا } الذي كتب الله لهم في الأزل فيعلمون به، ثم يوم القيامة يقال لهم: { ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [الجاثية: 28]، { هَـٰذَا كِتَابُنَا }؛ يعني: الذي كتبنا عليكم في الأزل بما تعملون، إلى الأبد ينطق عليكم بالحق أنكم عملتم ما كتبنا لكم، { إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ } [الجاثية: 29]، بقلم أفعالكم على صحيفة أعمالكم من كتابنا، الذي كتبنا لكم { مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } على وفق مشيئتنا ومقتضى حكمتنا.

{ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ } [الجاثية: 30]، التي سبقت غضبه في حقهم ليكونوا مظهراً لصفات لطفه، { ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْمُبِينُ } [الجاثية: 30] بالعناية السابقة لهم، { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } [الجاثية: 31] بالحكمة الأزلية والإرادة القديمة؛ ليكونوا مظهراً لصفات قهره، يقال لهم: { أَفَلَمْ تَكُنْ ءَايَٰتِى تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱسْتَكْبَرْتُمْ } [الجاثية: 31] أن تقولوا: لا إله إلا الله؛ لأنكم ما كنتم أهلاً لها، { وَكُنتُمْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ } [الجاثية: 31] مستعدين للإباء والاستكبار؛ ولهذا المعنى { وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَٱلسَّاعَةُ لاَ رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا ٱلسَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ } [الجاثية: 32]، لعدم نور اليقين.