الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ } * { يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } * { إِلاَّ مَن رَّحِمَ ٱللَّهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } * { إِنَّ شَجَرَتَ ٱلزَّقُّومِ } * { طَعَامُ ٱلأَثِيمِ } * { كَٱلْمُهْلِ يَغْلِي فِي ٱلْبُطُونِ } * { كَغَلْيِ ٱلْحَمِيمِ } * { خُذُوهُ فَٱعْتِلُوهُ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ } * { ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ ٱلْحَمِيمِ } * { ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } * { إِنَّ هَـٰذَا مَا كُنتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ }

{ إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ } [الدخان: 40]؛ أي: يفصل بين أرباب الصفاء وأصحاب الصداء، { يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى } [الدخان: 41]، ولا ناصر، ولا حميم عن حميم، ولا نسيب عن نسيب، ولا شيخ عن مريد { شَيْئاً } [الدخان: 41]، من الصفاء إذا لم يحصلوا هاهنا في دار العمل، { وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } [الدخان: 41]، في تحصيل الصفاء ورفع الضراء، { إِلاَّ مَن رَّحِمَ ٱللَّهُ } [الدخان: 42]، عليه بتوفيق تصفية القلب في الدنيا، كما قال تعالى:إِلاَّ مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } [الشعراء: 89]، { إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَزِيزُ } [الدخان: 42] يعز من يشاء بصفاء القلب، { ٱلرَّحِيمُ } [الدخان: 42]، يرحم من يشاء بالتجلي لمرآة قلبه.

وبقوله: { إِنَّ شَجَرَتَ ٱلزَّقُّومِ } [الدخان: 43]، { طَعَامُ ٱلأَثِيمِ } [الدخان: 44]، يشير إلى أن الأثيم وهو الذي عبد صنم الهوى وغرس شجرة الحرص؛ فأثمرت الشهوات النفسانية اللذيذة على مذاق النفس في الدنيا، يكون طعامه في الآخرة الزقوم الذي { كَٱلْمُهْلِ يَغْلِي فِي ٱلْبُطُونِ } [الدخان: 45]، { كَغَلْيِ ٱلْحَمِيمِ } [الدخان: 46]، { خُذُوهُ } [الدخان: 47]، أيتها الزبانية الطبائع الحيوانية، { فَٱعْتِلُوهُ } [الدخان: 47]، اسحبوه { إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ } [الدخان: 47]، جحيم البعد والقطيعة، { ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ ٱلْحَمِيمِ } [الدخان: 48]، وهو عذاب الحسرة والحرمان، وحرقة الهجران في قعر النيران.

وبقوله: { ذُقْ } [الدخان: 49]، يشير إلى أنه كان معذباً بهذا العذاب في الدنيا، ولكن كان في نوم الغفلة لم يكن ليذوق ألم العذاب، فلما مات انتبه فذاق ألم ما ظهر به على نفسه، { إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ } [الدخان: 49]، في نظرك { ٱلْكَرِيمُ } [الدخان: 49]، عند قومك؛ فذق ألم عذاب الذلة والإهانة؛ { إِنَّ هَـٰذَا مَا كُنتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ } [الدخان: 50] بوساوس الشيطان وهواجس النفس.