الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ وَلاَ ٱلإِيمَانُ وَلَـٰكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { صِرَاطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ أَلاَ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلأُمُورُ }

وقال: { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا } [الشورى: 52] وهو نور ينعكس في مرآة كينونيتك بتجلي كينونيتنا لمرآة كينونيتك؛ ليكون بنا حبيباً فتحب جمالنا بمحبتنا، ونحب جمالك بمحبتك التي هي عكس محبتنا في مرآتك فإذا أمعنت النظر وجدت الناظر والمنظور، والمحب والمحبوب واحداً كما قيل:
أَنا مَن أَهوى وَمَن أَهوى أَنا   نَحنُ روحانِ حَلَلْنا بَدَنا
وقوله: { مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ وَلاَ ٱلإِيمَانُ } [الشورى: 52]؛ أي: حقيقتهما إذ كنت في ظلمة كينونيتك، فلما أخرجناك منها بتجلي كينونتنا جعلناك نوراً دربت به نور الكتاب ونور الإيمان، فإن حقيقتهما نور واحد كما قال: { وَلَـٰكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا } [الشورى: 52] إلى حضرة جلالنا بالوصول والوصال، { وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ } [الشورى: 52] أيضاً { إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [الشورى: 52]، { صِرَاطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } [الشورى: 53] ملكاً وملكاً؛ لأنك نور تهدي إلى حضرة جلالنا، ولمناسبة نوره مع نور الإيمان والقرآن قيل: " كان خلقه القرآن " ، وقال تعالى فيه:وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } [القلم: 4]، { أَلاَ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلأُمُورُ } [الشورى: 53]؛ لأنه تعالى مبدأ كل شيء ومرجع كل شيء ومصيره.