الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ ٱلذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاَ إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ } * { وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَآءَ يَنصُرُونَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ } * { ٱسْتَجِيبُواْ لِرَبِّكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَكُمْ مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّكِيرٍ }

{ وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا } [الشورى: 45] على النار { خَاشِعِينَ مِنَ ٱلذُّلِّ } [الشورى: 45] إذ لم يخشعوا في الدنيا من عزة العناية لا ينفعهم ندامة ولا يسمع منهم دعوة، { يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ } [الشورى: 45] من خجالة المؤمنين إذ يعيرونهم بما ذكروهم فلم يسمعوا، وذكروا أنه لا ناصر لهم لينصرهم ولا راحم يرحمهم، { وَقَالَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } [الشورى: 45]،وَجَاهِدُوا فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ } [الحج: 78] الذين ربحوا على ربهم، { إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ } [الشورى: 45] بإبطال استعدادهم، إذ صرفوه في طلب الدنيا وزخارفها والالتذاذ بها { وَأَهْلِيهِمْ } [الشورى: 45]؛ أي: وخسروا أهليهم { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } [الشورى: 45] إذا لم يقوا أنفسهم وأهليهم ناراً بقبول الإيمان وأداء الشرائعيَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَٰحِبَتِهِ وَبَنِيهِ } [عبس: 34-36]، { أَلاَ إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ } [الشورى: 45] الذين كانوا في جهنم شهوات النفس جنياً في الدنيا { فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ } [الشورى: 45] في الآخرة، { وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَآءَ } [الشورى: 46] من المؤمنين { يَنصُرُونَهُم } [الشورى: 46] بالشفاعة، ولا الذين اتخذوا { مِّن دُونِ ٱللَّهِ } [الشورى: 46] من دون أن ينصرونهم بالنجاة من أولياء الله، { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ } [الشورى: 46] بأن يشغلهم بغيره { فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ } [الشورى: 46] يصل به إلى الله.

ثم أخبر عن الاستجابة بالعبودية للربوبية بقوله تعالى: { ٱسْتَجِيبُواْ لِرَبِّكُمْ } [الشورى: 47] للعوام: إلى الوفاء بعهده والقيام بحقه والرجوع من مخالفته إلى موافقته، وللخواص: إلى الاستسلام للأحكام الأزلية والإعراض عن الدنيا وزينتها وشهواتها؛ إجابة لقوله تعالى:وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلاَمِ } [يونس: 25].

ولأخص الخواص: من أهل المحبة إلى صدق الطلب بالإعراض عن الدارين متوجهاً بحضرة الجلال، ببذل الوجود في نيل الوصول والوصال مجيباً لقوله:وَدَاعِياً إِلَى ٱللَّهِ بِإِذْنِهِ } [الأحزاب: 46]، والطريق اليوم إلى الاستجابة مفتوح وعن قريب سيغلق الباب على القلوب بغتة ويؤخذ قلبه وذلك قوله تعالى: { مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَكُمْ مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّكِيرٍ } [الشورى: 47].