الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ } * { وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِّن سَبِيلٍ } * { إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ ٱلنَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } * { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِهِ وَتَرَى ٱلظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَىٰ مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ }

ثم أخبر عن انتصار ذوي الأبصار بقوله تعالى: { وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْيُ } [الشورى: 39] يشير إلى أرباب القلوب الذين أصابهم الظلم من قبل أنفسهم، { هُمْ يَنتَصِرُونَ } [الشورى: 39] من الظالم، وهو نفسهم بكبح عنانها عن الركض في ميدان المخالفة، { وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ } [الشورى: 40] صدرت من النفس من قبل الحرص والشهوة، أو الغضب، أو البخل، أو الجبن، أو الحسد، أو الكبر والغل { سَيِّئَةٌ } [الشورى: 40] تصدر من القلب { مِّثْلُهَا } [الشورى: 40]؛ أي: مثل ما يصادف علاجها؛ أي: بصد تلك الأوصاف فإن العلاج بأضدادها، ولا يجاوز عن حد المعالجة في رياضة النفس وجهادها، فإن لنفسك عليك حقاً، { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ } [الشورى: 40]؛ أي: عفا عن المبالغة في رياضة النفس وجهادها بعد أن تصلح النفس بعلاج أضداد أوصافها، { فَأَجْرُهُ عَلَى ٱللَّهِ } [الشورى: 40] بأن يتصف بصفاته فإن من صفاته العفو، وهو عفو يحب العفو فيكن العبد العفو محبوباً لله تعالى، { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ } [الشورى: 40] الذين يضعون شدة الرياضة على النفس موضع العفو، { وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ } [الشورى: 41] من القلوب على النفوس { بَعْدَ ظُلْمِهِ } [الشورى: 41]؛ أي: بعد أن ظلم النفس عليه، { فَأُوْلَـٰئِكَ } [الشورى: 41]؛ يعني: النفوس { مَا عَلَيْهِمْ مِّن سَبِيلٍ } [الشورى: 41]؛ يعني: من القلوب على النفوس المرتاضة المطمئنة بذكر الله، { إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ } [الشورى: 42] للقلوب على النفوس، { ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ ٱلنَّاسَ } [الشورى: 42]؛ أي: القلوب { وَيَبْغُونَ } [الشورى: 42] ويظلمون { فِي ٱلأَرْضِ } [الشورى: 42] أرض القلوب { بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ } [الشورى: 42] أي: أتوا بغير المأذون لهم من الأفعال الخبيثة والأوصاف الذميمة، { أُوْلَـٰئِكَ } [الشورى: 42]؛ أي: النفوس { لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [الشورى: 42] هي الرياضات الشديدة الأليمة على خلاف هواها، { وَلَمَن صَبَرَ } [الشورى: 43] على الرياضة { وَغَفَرَ } [الشورى: 43]؛ أي: لمن غفر من القلوب؛ أي: عفا عن النفوس المرتاضة { إِنَّ ذَلِكَ } [الشورى: 43]؛ أي: ذلك الصبر والمغفرة { لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } [الشورى: 43]؛ يعني: الأمور المحمودة عند الله، { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ } [الشورى: 44] من النفوس الأمارة بالسوء { فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ } [الشورى: 44] من القلوب والأرواح بأن يخرجه من الأمارية، { مِّن بَعْدِهِ } [الشورى: 44]؛ أي: من بعد الله فله أن يخرجه من الصفة الأمارية كما قال:إِنَّ ٱلنَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِٱلسُّوۤءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيۤ } [يوسف: 53]؛ أي: إلا ما يخرجها برحمته عن الصفة الأمارية ولهذا المعنى قال:ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } [البقرة: 257]، { وَتَرَى ٱلظَّالِمِينَ } [الشورى: 44] من النفوس التي لم تقبل الصلاح بالعلاج في الدنيا، { لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ } [الشورى: 44] يوم القيامة { يَقُولُونَ هَلْ إِلَىٰ مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ } [الشورى: 44]؛ لنقبل الصلاح بعلاج الرياضات الشرعية والمجاهدات الطريفة.