الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوۤاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَـٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ } * { وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِّنَ ٱلُخَاسِرِينَ } * { فَإِن يَصْبِرُواْ فَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ ٱلْمُعْتَبِينَ }

{ وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا } [فصلت: 21] بهذا يشير إلى أن الجماد في الآخرة يكون حيواناً ناطقاً، كما قال تعالى:وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ لَهِيَ ٱلْحَيَوَانُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } [العنكبوت: 64].

وبقوله: { قَالُوۤاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ } [فصلت: 21] يشير إلى: إن الأرواح والأجسام متساوية، وفي قدرة الله إن شاء جعل الأرواح بوصف الأجسامصُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } [البقرة: 171]، وإن شاء جعل الأجسام بوصف الأرواح تنطق وتسمع، وتبصر وتعقل؛ ولهذا قال: { وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } [فصلت: 21]؛ يعني: خلق الأرواح بوصفها حين خلقها { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [فصلت: 21] كما يشاء بوصف الأرواح أم بوصف الأجسام، { وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ } [فصلت: 22]؛ لأنه لم يكن في حسابكم ما استقبلتم { أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ } [فصلت: 22]؛ لأنها كانت أجساماً صامتة غير ناطقة، وبقوله: { وَلَـٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ } [فصلت: 22] يشير إلى معتقد الفلاسفة الزنادقة أنهم يعتقدون أن الله لا يكون عالم الجزيئات، فردَّ عليهم بقوله: { وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ } [فصلت: 23] أهلككم { فَأَصْبَحْتُمْ مِّنَ ٱلُخَاسِرِينَ } [فصلت: 23] الذين خسروا على بذراً لأرواحهم في أرض أجسادهم بأن لم يصل إليه ماء الإيمان والعمل الصالح، ففسد حتى صار بوصف الأجسادصُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } [البقرة: 171]، كما قال:وَٱلْعَصْرِ * إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ * إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } [العصر: 1-3] { فَإِن يَصْبِرُواْ } [فصلت: 24] على ما هم فيه من الخسران { فَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ } [فصلت: 24] نار الطرد والقطيعة والبعد، { وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ } [فصلت: 24] فعلى ما قال: { فَمَا هُم مِّنَ ٱلْمُعْتَبِينَ } [فصلت: 24].