الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَمَّا عَادٌ فَٱسْتَكْبَرُواْ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ } * { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِيۤ أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ ٱلْخِزْيِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَخْزَىٰ وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ } * { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ ٱلْعَذَابِ ٱلْهُونِ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { وَنَجَّيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يتَّقُونَ } * { وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ } * { حَتَّىٰ إِذَا مَا جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

{ فَأَمَّا عَادٌ فَٱسْتَكْبَرُواْ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ } [فصلت: 15] وركنوا إلى قوة نفوسهم { وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } [فصلت: 15] فهابهم قواهم لما استكمن منهم بلواهم، { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمْ } [فصلت: 15] وخلق الأشياء كلها { هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً } [فصلت: 15] في إهلاكهم، { وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ } [فصلت: 15] مع إحاطة علمهم بالآيات والقدرة، قال الله تعالى: { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً } [فصلت: 16]؛ ليقلعهم من أصولهم، ولما يغادر منهم أحداً { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ ٱلْعَذَابِ ٱلْهُونِ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } [فصلت: 17] قيل: إنهم في الابتداء آمنوا وكانوا يتقون وصدقوا، ثم ارتدوا وكذبوا، فأجراهم مجرى إخوانهم في الاستئصال، { وَنَجَّيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يتَّقُونَ } [فصلت: 18] فمنهم من نجاهم من غير أن يروا النار عبروا القنطرة ولم يعلموا، وقوم كالبرق الخاطف: وهم أعلاهم، وقوم كالراكض: وهم أيضاً الأكابر، وقوم على الصراط: يسقطون وتردهم الملائكة على الصراط فبعد وبعد، وقوم بعد ما دخلوا النار: فمنهم من تأخذه إلى كعبيه، ثم إلى ركبتيه، ثم إلى حقويه، فإذا بلغت القلب قال الحق تعالى للنار: " لا تحرقي قلبه فإنه محترق في " ، وقوم يخرجون من النار: بعد ما امتحشوا وصاروا حمماً.

ثم أخبر عن حشر الأعداء مع القرناء بقوله تعالى: { وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ } [فصلت: 19] يشير إلى أن من لم يمتثل أوامر الله تعالى ونواهيه ولم يتابع رسوله، فهو عدواً لله وإن كان منافقاً بالله مقراً بوحدانيته، وإن ولي الله: من كان يؤمن بالله ورسله، ويمتثل أوامر الله ونواهيه، ومتابعة الرسول، ويحشر الأولياء إلى الله وجنته، كما يحشر الأعداء إلى نار القطيعة والبعد وجحيمه { حَتَّىٰ إِذَا مَا جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [فصلت: 20]؛ لأنهم كانوا يستعملوها في معاصي الله بغير اختيارهم.