الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا فِيۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ } * { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ } * { فَقَضَٰهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } * { فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } * { إِذْ جَآءَتْهُمُ ٱلرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ قَالُواْ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ }

{ قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ } [فصلت: 9]؛ أي: أرض البشرية في يومي الهوى والطبيعة، { وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً } [فصلت: 9] من الهوى والطبيعة إذا تحركت أرض البشرية، { ذَلِكَ } [فصلت: 9] من ابتلاء { رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } [فصلت: 9] الذي خلق عالمي العقل والهوى، { وَجَعَلَ فِيهَا } [فصلت: 10] في أرض البشرية { رَوَاسِيَ } [فصلت: 10] من العقل؛ لتسكين أرض البشرية لا يستقر إلا برواسخ العقل { مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا } [فصلت: 10] بالحواس الخمس، { وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا } [فصلت: 10] بستة من قوى البشرية { فِيۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ } [فصلت: 10]؛ أي: مع يومي خلق الأرض؛ يعني: في يومي الروح الحيواني والروح الطبيعي { سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ } [فصلت: 10] لهذه القضية، { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ } [فصلت: 11] سماء القلب { وَهِيَ دُخَانٌ } [فصلت: 11] نار الروحانية، وبقوله: { فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً } لتجيبا { قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ } [فصلت: 11] وإنما ذكرهما بلفظ التأنيث في البداية، كأنهما كانتا ميتة وهي مؤنثتان، وإنما ذكرهما في النهاية بلفظ التذكير؛ لأنه أحياهما وأعقلهما وهما في العدم، فأجابا بقولهما: أتينا طائعين جواب العقلاء، وفي قوله: { فَقَضَٰهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ } [فصلت: 12] إشارة إلى أن لسماء القلب سبعة أطوار، كما قال تعالى:وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً } [نوح: 14] فالطور الأول من القلب يسمى: الكركر وهو محل الوسوسة.

والثاني: الشغاف وهو مظهر الهواجس.

والثالث: الفؤاد وهو معدن الرؤية كما قال تعالى:مَا كَذَبَ ٱلْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ } [النجم: 11]، والرابع: القلب وهو منبع الحكمة، كما قال صلى الله عليه وسلم: " ظهرت ينابيع الحكمة في قلبه على لسانه " ، والخامس: السويداء وهو مرآة الغيب.

والسادس: الشغاف وهو مثوى المحبة كما قال تعالى:قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً } [يوسف: 30]، والسابع: محبة القلب وهي مودة التجلي وموضوع الكشوف، ومركز الأسرار ومهبط الأنوار، { فِي يَوْمَيْنِ } [فصلت: 12]؛ أي: يومي الروح الإنساني، والإلهام الرباني { وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا } [فصلت: 12]؛ أي: ما هو أهله ومحله، { وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ } [فصلت: 12] وهي أنوار الأذكار والطاعات والعبادات { وَحِفْظاً } [فصلت: 12] من الشياطين، { ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ } [فصلت: 12] الذي لإظهار عزَّته وعظمة قدر هذه الكمالات ودبَّرها في نطفة قدرة { ٱلْعَلِيمِ } [فصلت: 12] الذي أحاط علمه بمصالح الدارين وأهلها، { فَإِنْ أَعْرَضُواْ } [فصلت: 13] أرباب النفوس المتمردة عن الله، وطلبه وطلب رضاه { فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } [فصلت: 13]؛ أي: أخبر المكذبين لك أن لكم سلفاً سلكتم طريقهم في العناد والجحود، فإن أبيتم إلا الإصرار ألحقناكم بهم بالهلاك فتكونوا كأمثالهم { إِذْ جَآءَتْهُمُ ٱلرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ قَالُواْ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } [فصلت: 14].