الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ يَتَحَآجُّونَ فِي ٱلنَّـارِ فَيَقُولُ ٱلضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْـبَرُوۤاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِّنَ ٱلنَّارِ } * { قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ إِنَّا كُلٌّ فِيهَآ إِنَّ ٱللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ ٱلْعِبَادِ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ فِي ٱلنَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ ٱلْعَذَابِ } * { قَالُوۤاْ أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ قَالُواْ بَلَىٰ قَالُواْ فَٱدْعُواْ وَمَا دُعَاءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } * { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلأَشْهَادُ }

وبقوله: { وَإِذْ يَتَحَآجُّونَ فِي ٱلنَّـارِ فَيَقُولُ ٱلضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْـبَرُوۤاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً } [غافر: 47] في الدنيا، { فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِّنَ ٱلنَّارِ * قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ إِنَّا كُلٌّ فِيهَآ إِنَّ ٱللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ ٱلْعِبَادِ } [غافر: 47-48]، يشير إلى أن محاجة بعضهم لبعض بأن يقول الضعفاء للمستكبرين: أنتم أضللتمونا، والمستكبرون يقولون لهم: بل أنتم وافقتمونا باختياركم يزيد في غيظ قلوبكم، فكما يعذبون بنفوسهم يعذبون بضيق صدورهم، ويفيض بعضهم من بعض.

{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ فِي ٱلنَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ ٱلْعَذَابِ } [غافر: 49]، وهذه أيضاً من إمارات الأجنبية يدخلون واسطة بينهم وبين ربهم، ثم إن الله تعالى ينزع الرحمة عن قلوبهم حتى لا يشفعوهم.

{ قَالُوۤاْ أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ } [غافر: 50] إذلالهم واستهزائهم وتقريعاً، وهذا أيضاً نوع من العذاب حتى أجابوهم بالتذلل والهوان، { قَالُواْ بَلَىٰ قَالُواْ فَٱدْعُواْ } [غافر: 50] وهذا أيضاً من نوع الإيذاء ونوع من العذاب، ثم يقولون لهم مستخفين بهم: { وَمَا دُعَاءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } [غافر: 50]؛ يعني: من القبول.

ثم أخبر عن نصرة الأنبياء والأولياء بقوله تعالى: { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [غافر: 51]، يشير إلى الظفر بنفوسهم، فإن كمال النصرة في الظفر على أعدى عدوك وهو نفسك التي بين جنبيك وهو الجهاد الأكبر، ولا يمكن الظفر على النفس ألا ينصره الحق تعالى ينصر القلب على النفس، { فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } [غافر: 51] بالتوفيق لتزكيتها بالمجاهدات والرياضات الظاهرة، { وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلأَشْهَادُ } [غافر: 51] عند طلوع شواهد الحق بنصره عليها بكيد خفي ولطف غير مرئي من حيث يحتسب ومن حيث لا يحتسب، وغاية النصرة أن يقبل الناصر عدو من ينصره، فإذا أراه وحققه أنه لا عدو في الحقيقة وان الخلق أشباح يجري عليهم أحكام القدرة، فالولي لا عدو له ولا صديق ليس له إلا الله تعالى، قال الله تعالى:ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [البقرة: 257].