الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِيۤ إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي ٱلدُّنْيَا وَلاَ فِي ٱلآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَآ إِلَى ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } * { فَسَتَذْكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُـمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِيۤ إِلَى ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ } * { فَوقَاهُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَـرُواْ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوۤءُ ٱلْعَذَابِ } * { ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدْخِلُوۤاْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ }

{ لاَ جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِيۤ إِلَيْهِ } [غافر: 43] من عبادة الهوى، { لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ } [غافر: 43]؛ أي: استجابة دعوة في الدنيا؛ أي: ببقاء، { فِي ٱلدُّنْيَا وَلاَ فِي ٱلآخِرَةِ } [غافر: 43]؛ أي: بنجاة ورفعة درجات في الآخرة، { وَأَنَّ مَرَدَّنَآ } [غافر: 43] مرجعنا، { إِلَى ٱللَّهِ } [غافر: 43]، لا بد بالموت ومفارقة الأرواح الأجساد، { وَأَنَّ ٱلْمُسْرِفِينَ } [غافر: 43] بالتصرف في الدنيا وزينتها وشهواتها على وفق هوى أنفسهم، { هُمْ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } [غافر: 43] نار القطيعة والبعد والطرد.

{ فَسَتَذْكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُـمْ } [غافر: 44] يا آل فرعون النفس عند معاينة عذاب أخلاقكم، { وَأُفَوِّضُ أَمْرِيۤ إِلَى ٱللَّهِ } [غافر: 44] بقطع التعلق عنكم، وترك التخلق بأخلاقكم وطلب التخلق بأخلاق الله، { إِنَّ ٱللَّهَ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ } [غافر: 44] فيتقرب بكرمه إلى من تقرب إليه، ويطرد من تقرب إلى الدنيا وشهواتها، { فَوقَاهُ ٱللَّهُ } [غافر: 45]؛ أي: الروح { سَيِّئَاتِ مَا مَكَـرُواْ } [غافر: 45]؛ أي: من شر النفس وصفاتها، { وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ } [غافر: 45]؛ أي: بالنفس وصفاتها { سُوۤءُ ٱلْعَذَابِ } [غافر: 45]؛ أي: النفس وصفاتها في استغراقهم في بحر شهوات الدنيا ملابسة الخلاق الذميمة يزداد كل ساعة بُعد وطرد عن الحضرة، وذلك معنى قوله: { ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً } [غافر: 46]؛ أي: نار القطيعة، وعن نعيم جنان العرفان بقوله: { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ } [غافر: 46]، يشير إلى ساعة مفارقة الروح البدن بالموت فإن من مات فقد قامت قيامته، { أَدْخِلُوۤاْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ } [غافر: 46]؛ وذلك إن اشد عذاب فرعون النفس بساعة المفارقة؛ لأنه يعظم عن جميع مألوفات الطبع دفعة واحدة، والعظام عن المألوف شديد، فاعلم أن بحسب كل شيء تعلق به قلبه من المال والجاه والأولاد والأهالي يكون للميت عند انقطاعه عنه ضربة يجد ألمها كما يجد ألم قطع كل عضو منه، وقد يكون الألم بقدر شدة التعلق به.