الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلَمْ يَسِيروُاْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبْلِهِمْ كَانُواْ هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَاراً فِي ٱلأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٍ } * { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُواْ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

{ أَوَلَمْ يَسِيروُاْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبْلِهِمْ } [غافر: 21]؛ أي: فينظروا كيف خلق السماوات والأرض وما بينهما على قضية حوائجهم وهم صنفان: أهل السعادة، وأهل الشقاوة:

فأهل السعادة: شكروا الله على نعمة الوجود فزادهم نعمة الإيمان، فشكروا نعمة الإيمان فزادهم نعمة الولاية، فشكروا نعمة الولاية فزادهم نعمة القرب والمعرفة في الدنيا، ونعمة الجوار في الآخرة.

وأهل الشقاوة: قد كفروا نعمة الوجود فعذبهم الله بالكفر والبعاد، والطرد واللعن في الدنيا، وعذبهم في الآخرة بالنار وأنواع التعذيبات، وقوله: { كَانُواْ هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً } [غافر: 21] فيعتبروا بمن كانوا هم منهم أشد قوة في الجهل والاعتداء، { وَآثَاراً فِي ٱلأَرْضِ } [غافر: 21] بالفساد، { فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ } [غافر: 21] من قهر الله وبطشه، { مِن وَاقٍ } [غافر: 21]، أو لم يسيروا بنفوسهم في أقطار الأرض ويطوفوا مشارقها ومغاربها؛ ليعتبروا بها فيزهدوا فيها، ولم يسيروا بقلوبهم في الملكوت بجولان قطع التعلقات فيشهدوا أنوار التجلي فيستبصروا بها، أو لم يسيروا بأسرارهم في ساحات الصمدية؛ ليهلكوا في سلطان الحقائق، ويتخلصوا من حبس المخلوقات ملكها وملكوتها.

وبقوله: { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُواْ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ } [غافر: 22]، يشير إلى بعض السالكين والقاصدين إلى الله إن لم يصل إلى مقصوده؛ ليعلم أن موجب حجبيته وحرمانه اعتراض خامر قلبه على شيخه أو على غيره من المشايخ بعض أوقاته، ولم يتداركه بالتوبة والإنابة، فإن الشيوخ بمحل الأنبياء للمريدين وفي الخبر " الشيخ في قومه كالنبي في أمته " ، { إِنَّهُ قَوِيٌّ } [غافر: 22] على انتقام الأعداء للأولياء، { شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } [غافر: 22] في الانتقام من الأعداء.