الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُمْ مِّن فَضْلِهِ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْتَنكَفُواْ وَٱسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } * { يَا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمْ بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَآ إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً } * { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً }

كما أخبر بقوله تعالى: { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [النساء: 173] بالعبودية، { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } [النساء: 173] للتقرب إلى حضرة الربوبية، { فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ } [النساء: 173] بجذبات العناية، { وَيَزيدُهُمْ مِّن فَضْلِهِ } [النساء: 173] بتجلي صفات الإلوهية، { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْتَنكَفُواْ } [النساء: 173]، عن أقسام الناسوتية، { وَٱسْتَكْبَرُواْ } [النساء: 173] عن الانمحاء للاهوتية، { فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } [النساء: 173] في دركات من الحرمان عن الحضرة الربانية، { وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ } [النساء: 173] اليوم ولياً؛ ليخرجهم من الأنانية إلى نور الربوبية، ومن الحرمان عن الحضرة الربانية، { وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } [النساء: 173] ينصرهم على قمع النفس والهوى للوصول إلى المولى.

ثم أخبر عن نصرة وليَّه ببعثة نبيه بقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمْ بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ } [النساء: 174]، إلى قوله: { مُّسْتَقِيماً } [النساء: 175]، والإشارة فيهما: إن الله تعالى أعطى لكل نبي آية وبرهاناً ليقيم به الحجة على الأمة، وجعل نفس النبي صلى الله عليه وسلم برهاناً منه وقال: { يَا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمْ بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ } [النساء: 174] وذلك؛ لأن برهان الأنبياء عليهم السلام كان في الأشياء الخارجة عن أنفسهم، مثل ما كان برهان موسى عليه السلام في عصاه في الحجر التيفَٱنفَجَرَتْ مِنْهُ ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً } [البقرة: 60] وكان نفس النبي صلى الله عليه وسلم برهاناً بالكلية، وكان برهان عينه ما قال صلى الله عليه وسلم: " لا تسبقوني بالركوع والسجود فإني أراكم من خلفي كما أراكم من أمامي " ، وبرهان بصره:مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ } [النجم: 17]، وبرهان أنفه: إنه قال صلى الله عليه وسلم: " إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن " ، وبرهان بصاقه: قال جابر رضي الله عنه أمرنا صلى الله عليه وسلم يوم الخندق: " لا تخبزن عجينكم ولا تنزلن برمتكم حتى أجيء فجاء فبصق في العجين وبارك فأقسم بالله أنهم لأكلوا وهم ألف حتى تركوه وانصرفوا " ، وإن برمتنا لتغط؛ أي: تغلي وإن عجيننا ليخبز كما هو، وبرهان تفله: إنه تفل في عين علي رضي الله عنه وهي ترمد فبريء بإذن الله تعالى يوم خيبر، وبرهان يده: ما قال الله تعالى:وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ } [الأنفال: 17]، وإنه سبح الحصى في يده، وبرهان أصبعيه: إنه أشار بأصابعه إلى القمر فانشق فلقتين حتى رؤى حراء بينهما، وبرهان بين أصابعه: إنه كان الماء ينبع من بين أصابعه حتى شرب منه ورفعه خلق عظيم، وبرهان صدره: إنه كان يصلي ولصدره أزيز كأزيز المرجل، وبرهان قلبه: إنه تنام عينه ولا ينام قلبه، وقال تعالى:مَا كَذَبَ ٱلْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ } [النجم: 11]، وقال تعالى:أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } [الشرح: 1]، وقال تعالى:

السابقالتالي
2