الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّـٰكِنِ ٱللَّهُ يَشْهَدُ بِمَآ أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ قَدْ ضَلُّواْ ضَلَٰلاً بَعِيداً } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً } * { إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً وَكَانَ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمُ ٱلرَّسُولُ بِٱلْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً }

{ لَّـٰكِنِ ٱللَّهُ يَشْهَدُ } [النساء: 166] لك خاصة، { بِمَآ أَنزَلَ إِلَيْكَ } [النساء: 166]، فيما أوحى إليك، ما أوحى سراً بسر وإضمار بإضمار، ثم بين بقوله تعالى: { أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ } [النساء: 166]؛ يعني: إنه أنزل إليك القرآن وأنزل في القرآن بعلمه القديم الذي هو غير متناه، وذلك أنه تعالى تجلى له بالصفة العالمية حتى علم بعلمه ما كان وما سيكون، فافهم جيداً.

{ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ يَشْهَدُونَ } [النساء: 166] على تلك الخلة لك مع الله وإن لم يسبقوك فيها؛ لأنك قد عبرت عليهم بالعروج عند الدخول والخروج، وإن لم يشاهدوا تلك الأحوال ولم يشاهدوا على تلك الأسرار، { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } [النساء: 166] عليها جرى فجرى ما جرى عند الانبساط عليِّ [بقاب قوسين] أو أدنىفَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىٰ } [النجم: 10].
ظن خيراً ولا تسأل عن الخبر   قد كان ما كان سر إلا أبوح به
ثم أخبر عن المحرومين عن هذه القضية والمهمومين بهذه القصة بقوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } [النساء: 167]، إلى قوله: { يَسِيراً } [النساء: 169]، والإشارة فيهما: إن الذين كفروا ستروا الحق إنما ستروا اليوم الحق؛ لأن أرواحهم بقيت مستورة في ظلمة الخلقية عند رشاش النور الربانية، وما أصابهم ذلك النور وإنما صدوا عن سبيل الله؛ لأن نور الله صد عنهم، فانسد عليهم سبيل الله، { قَدْ ضَلُّواْ } [النساء: 167] ذلك اليوم عن سبيل الله، { ضَلَٰلاً بَعِيداً } [النساء: 167] من ذلك اليوم لا إقبالاً قريباً من هذا اليوم؛ لأن الضلال اليوم من نتائج ذلك الضلال من ذلك اليوم، وفيه إشارة أخرى وهي: إن الذين كفروا وإن كانوا قد صدوا عن سبيل الله بكفرهم لا ريب في أنهم ضلوا ضلالاً بعيداً عن الهداية، ولكن يحتمل أن يكون هذا الكفر والصد فيهم عارية، والعارية مردودة فيكمن أنهم في مناسبة ما وقعوا في هذا الكفر، أو بالتقليد أخذوا من آبائهم، وما أخطأهم ذلك النور عند الرشاش، ويرجعون إلى الحق ويؤمنون به كما آمن كثير منهم، ويغفر الله لهم ويهديهم طريق الحق، { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ } [النساء: 168] على أنفسهم بأنواع المعاملات التي تفسد استعدادهم الأصلي وتبطل صفاء أرواحهم بالكل، { لَمْ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ } [النساء: 168] حين رش على الأرواح نور مغفرته، { وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ } [النساء: 168] اليوم، { طَرِيقاً } [النساء: 168] إلى الحق والقربة، { إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ } [النساء: 169]، الفرقة والقطيعة بإتباع الهوى وحب الدنيا، { خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً وَكَانَ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } [النساء: 169]، إذ لم يكن فيه ذرة من ذلك النور فيخرجون به من النار، كما قال: صلى الله عليه وسلم " يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان "

السابقالتالي
2 3