الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً لَّمْ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً } * { بَشِّرِ ٱلْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } * { ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلْعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلعِزَّةَ للَّهِ جَمِيعاً }

ثم أخبر عن التقليدي لا الحقيقي بقوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ } [النساء: 137]، والإشارة فيها: { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [النساء: 137]؛ يعني: بالتقليدي، { ثُمَّ كَفَرُواْ } [النساء: 137] إذ لم يكن للتقليد أصلاً، { ثُمَّ آمَنُواْ } [النساء: 137] بالاستدلال العقلي، { ثُمَّ كَفَرُواْ } [النساء: 137]، إذ لم يكن عقولهم مؤيدة بالتأييد الإلهي، { ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً } [النساء: 137] بالشبهات العقلية، إذ تمسكوا بالعقول المشوبة بالهوى وحب الدنيا فوقعوا في ورطة الهلاك مع المبتدعة والمتفلسفة، وإلا نعوذ بالله من الحور بعد الكور.

وفي قوله تعالى: { لَّمْ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ } [النساء: 137]، يشير إلى: إن من يكون إيمانه تقليدياً ذلك بأن لم يكن الله في الأزل عاقراً لهم بنوره عند العرش، كما قال: ثم رش عليهم من نوره فمن أصابه فقد اهتدى، ومن أخطأه فقد ضل، فلما أخطأهم ذلك النور فما آمنوا بالله بالحقيقة، وإن آمنوا بالتقليد كفروا، كما كانوا على أصل الضلالة، { وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً } [النساء: 137]، إلى الهدى اليوم؛ لأن الأصل لا يخطأ إذ أخطأهم ذلك.

ثم قال تعالى: { بَشِّرِ ٱلْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } [النساء: 138]؛ لأن أصل نفاقهم من أخطاء ذلك النور أيضاً؛ يعني: بشرهم بأن أصل جوهرهم من جواهر الكفار ولهذا { ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [النساء: 139]، فإن ائتلافهم هاهنا نتيجة تعارف أرواحهم هناك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم " الأرواح جنود مجندة " ، فمن تعارف أرواحهم أرواح الكافر والمنافق هناك يأتلفون هاهنا، ومن تناكر أرواحهم أرواح المؤمنين هناك يختلفون.

ثم أشار بقوله تعالى: { أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلْعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلعِزَّةَ للَّهِ جَمِيعاً } [النساء: 139] إلى من يطلب العزة في الدارين، فليست العزة عند الدنيا وأهلها، فلا تطلبوها عندهم ولكن فاطلبوها عند الله؛ أي: في مقام العندية، فإن عنده خير الدنيا والآخرة جميعاً، فمن تابع النبي صلى الله عليه وسلم حق المتابعة وقال تعالىعِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ } [القمر: 55]، يقال له:وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } [المنافقون: 8].