الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً } * { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا ٱلنَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ ذٰلِكَ قَدِيراً } * { مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا فَعِندَ ٱللَّهِ ثَوَابُ ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً }

{ وَللَّهِ } [النساء: 132] جنود { مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } [النساء: 132]، وقيامه وبقيوميته قائم { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً } [النساء: 132] في إيجاده وحفظه وتدبيره لكم فيما تحتاجون إليه من الدنيا والآخرة، فاتخذوه وكيلاً، فإن لم ترضوا بوكالته وتنسون وصايته فله { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا ٱلنَّاسُ } [النساء: 133] أيها الناسون وصية والطالبون غيره، { وَيَأْتِ بِآخَرِينَ } [النساء: 133] ولا يطلبون منه غيره، كما قال تعالى:فَسَوْفَ يَأْتِي ٱللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } [المائدة: 54]، { وَكَانَ ٱللَّهُ } [النساء: 133]، من الأزل { عَلَىٰ ذٰلِكَ } [النساء: 133]؛ أي: على إثبات جميع الخلق بهذه الصفة، { قَدِيراً } [النساء: 133]، كما قال تعالى:وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَـٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [السجدة: 13] والناس؛ أي: الناسين توصيته، دليله قوله تعالى:فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ } [السجدة: 14] وصيتنالِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَآ } [السجدة: 14].

ثم أخبر عما عنده لعبده بقوله تعالى: { مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا } [النساء: 134]، إشارة في ألاية: إن من كان دنيء الهمة قصير النظر يطلب من الله الدنيا الدنية وما فيها، { فَعِندَ ٱللَّهِ ثَوَابُ ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ } [النساء: 134]؛ يعني: لا يختص على متاع القليل الدنيا من سعة كرم الله وجوده، وإن عنده الدنيا والآخرة، وهو كريم يحب أن يسأل العبد منه شيئاً، ويحب معالي الأمور ويبغض سفاسفها، فلا تقنعوا منه بالدنيا الدنية،وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا } [الشورى: 20]، فاطلبوا منه الآخرة، فإنه يزيد فيها؛ لأنه قال تعالى:مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ } [الشورى: 20]؛ أي: نعطيه ما يحتاج إليه من الدنيا بالتبعية، ثم أشار بقوله تعالى: { فَعِندَ ٱللَّهِ ثَوَابُ ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ } [النساء: 134] إلى مقام العندية؛ يعني: لا تطلبوا من الله إلا مقام العندية، فإن من يكون منزلته من عند اللهفِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ } [القمر: 55] فقد وجد الله تعالى ووجد ما عنده من الدنيا والآخرة، { وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعاً } [النساء: 134] لحاجات طالبه ومناجات راغبيه، { بَصِيراً } [النساء: 134]، بمصالح دينهم ودنياهم.