الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى ٱلّجَنَّةِ زُمَراً حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُـمْ طِبْتُمْ فَٱدْخُلُوهَا خَالِدِينَ } * { وَقَـالُواْ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا ٱلأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَآءُ فَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ } * { وَتَرَى ٱلْمَلاَئِكَةَ حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ ٱلْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْحَقِّ وَقِيلَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

ثم أخبر عن سوق أهل التُقى إلى جنة المأوى بقوله تعالى: { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ } [الزمر: 73]، يشير إلى أنهم سيقوا بداعية الإيمان على أقدام الأعمال الصالحة { إِلَى ٱلّجَنَّةِ زُمَراً } [الزمر: 73] فرقة فرقة، كل فرقة على قدم خلق آخر، ولكنه سوق بغير تعب ولا نصب، بل سوق بروح وطرب، هؤلاء عوام أهل الجنة، وفوق هؤلاء قوله:وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ } [ق: 31]، وفوقهم من قال فيهم:يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } [مريم: 85]، وفرق بين من يساق إلى الجنة وبين من تقربت منه الجنة، وفي الحقيقة أهل السوق الظالمون، وأهل الزلفة المقتصدون، وأهل الوفد السابقون، { حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا } [الزمر: 73]؛ أي: وجدوا أبوابها مفتوحة؛ لئلا يصيبهم وصب الانتظام، { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُـمْ طِبْتُمْ فَٱدْخُلُوهَا خَالِدِينَ } [الزمر: 73] هذا لعوام أهل الجنة، ولخواصهم قوله:سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } [يس: 58]، { وَقَـالُواْ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ } [الزمر: 74]، للعوام بقوله: { وَأَوْرَثَنَا ٱلأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَآءُ فَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ } [الزمر: 74]، وللخواص صدقهم وعده بقوله:لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } [يونس: 26]، ولأخص الخواص أصدقهم وعده بقوله:إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ } [القمر: 55] فنعم أجر العاشقين.

وبقوله: { وَتَرَى ٱلْمَلاَئِكَةَ حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ ٱلْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } [الزمر: 75]، يشير إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم وخواص متابعيه من أمته إذا كانوافِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ } [القمر: 55] في جوار رب العالمين وكمال قرب أو أدنى ترى يا محمد الملائكة حافين من حول العرش، ولا حول لهم ولا قوة على العبور، والوصول إلى العرش وهم { يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } [الزمر: 75]، راضون قائمون بذلك، { وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْحَقِّ } [الزمر: 75]؛ يعني: بين الملائكة وبين الأنبياء والأولياء بما أعطي كل فريق منهم من المراتب والمنازل ما أعطي، { وَقِيلَ } [الزمر: 75]؛ يعني: قال كل فريق منهم { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [الزمر: 75] على ما أنعم علينا به.