الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ ٱلدِّينَ } * { وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { قُلْ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { قُلِ ٱللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي } * { فَٱعْبُدُواْ مَا شِئْتُمْ مِّن دُونِهِ قُلْ إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ } * { لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ ٱلنَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ ٱللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ }

وبقول: { قُلْ إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ ٱلدِّينَ } [الزمر: 11]، يشير إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم مأمور أن يعبد الله خالصاً ولا يعبد معه الدنيا والعقبى، { لَّهُ ٱلدِّينَ } [الزمر: 11]؛ أي: يكون مقصده في العباد معبوده.

{ وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ ٱلْمُسْلِمِينَ } [الزمر: 12] في طلب الحق تعالى؛ ليعلموا أن ديني ومذهبي طلب الحق من الحق لا غيره، فالمسلم من أسلم وجهه لله في متابعتي بصدق الطلب، { قُلْ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي } [الزمر: 13] فيما أمرني بطلبه وترك سواه، { عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [الزمر: 13]؛ وهو يوم ألم الهجران عذاب القطيعة والحرمان، والإشارة فيه: إنكم يا مدعي الإسلام خافوا أيضاً إن عصيتم ربكم فيما أمركم أن تطلبوه ولا تطلبوا معه غيره عذاب القطيعة والحرمان.

{ قُلِ ٱللَّهَ أَعْبُدُ } [الزمر: 14] لا الدنيا ولا العقبى، وأطلب بعباده المولى { مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي } [الزمر: 14] وكل له سؤال ودين ومذهب فلي أتمُّ سؤلٍ وديني هواكم، فلما أخبر عن الدين الخالص أنه طلب الحق تعالى وهم على مخالفة دينه، فقال: { فَٱعْبُدُواْ مَا شِئْتُمْ مِّن دُونِهِ } [الزمر: 15]؛ يعني: العبادة الحقيقة، { فَٱعْبُدُواْ مَا شِئْتُمْ مِّن دُونِهِ } [الزمر: 15]؛ أي: ما طلبوا بعبادتكم ما شئتم بالهوى من دون المولى، ثم بين أن ذلك غاية الخسران ونهاية الخزي والهوان بقوله: { قُلْ إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ } [الزمر: 15] بإفساد استعدادهم للوصول والوصال، { وَأَهْلِيهِمْ } [الزمر: 15] من القلوب والأسرار والأرواح حصلوا آخرتهم بالإعراض عن طلب المولى، والإقبال في متابعة الهوى ليكون { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } [الزمر: 15] لهم في النار المأوى، { أَلاَ ذَلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ } [الزمر: 15]؛ والخاسر على الحقيقة من خسر دنياه بمتابعة الهوى، وخسر عقباه بارتكاب ما نهي عنه، وخسر مولاه إذا هو بغير مولى.

{ لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ ٱلنَّارِ } [الزمر: 16] نار القطيعة، { وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ } [الزمر: 16] من نار الحيرةأَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا } [الكهف: 29] لا يخرجون منها ولا يفترون عنها، كما أنهم اليوم في جهنم عقائدهم يستديمون مجابهم ولا ينقطع عنهم عقابهم، { ذَلِكَ يُخَوِّفُ ٱللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ } [الزمر: 16]، فمن خاف بتخويف الله إياه عن هذه الخسران فهو عبده عبداً حقيقياً، فيستوجب خطابه { يٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ } [الزمر: 16]؛ يعني: من خصوصية عبادي أن يتقوا إلي عما سواي.