الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ بَلْ جَآءَ بِٱلْحَقِّ وَصَدَّقَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِنَّكُمْ لَذَآئِقُو ٱلْعَذَابِ ٱلأَلِيمِ } * { وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } * { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ } * { فَوَاكِهُ وَهُم مُّكْرَمُونَ } * { فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } * { عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ } * { يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ } * { بَيْضَآءَ لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ } * { لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ } * { وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ عِينٌ } * { كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ } * { فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ }

{ بَلْ جَآءَ بِٱلْحَقِّ وَصَدَّقَ ٱلْمُرْسَلِينَ } [الصافات: 37]؛ يعني: محمداً { إِنَّكُمْ لَذَآئِقُو ٱلْعَذَابِ ٱلأَلِيمِ } [الصافات: 38]؛ يعني: كفار مكة، { وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [الصافات: 39] وما كنتم تعملون إلا ما قد أمرتم بعمله بأمر { كُن }.

{ إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } [الصافات: 40] في العبودية والمخلصين في حكم الأزل بالعصيان، { أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ } [الصافات: 41] من أمر { كُن } بالسعادة.

ثم أشار من الرزق المعلوم إلى الفاكهة فقال: { فَوَاكِهُ } [الصافات: 42]؛ أي: فهم ألاَّ يتفكهوا مما يشاءون { وَهُم مُّكْرَمُونَ } [الصافات: 42] من الأزل إلى الأبد بأنهم محمولو العناية، كما قال:وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ } } [الإسراء: 70]، { فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } [الصافات: 43]، في جوار الحق تعالى: { عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ } [الصافات: 44]، في المدارج والمراتب يستأنس بعضهم برؤية بعض وهذه صفة الأبرار فإن من صفة الأحرار ألا يستأنس إلا بمولاه بقوله: { يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ * بَيْضَآءَ لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ * لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ } [الصافات: 45-47] يشير إلى أن أهل السير من أرباب الوسائط الذين وقفوا على أبواب الشهوات الإنسانية، ومشربهم التلذذ بالشراب من الكأس والشراب من معين، وقوم شربوا ومشربهم الحب كما قال قائلهم:
شربت الحب كأساً بعد كأس   فما نفذ الشراب وما رويت
وقال آخر:
قوم شربوا ومشربهم المحبوب   شراب ألحاظ يسكر اللبَّا
وإلى مثل هذا المعنى يشير بقوله: { وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ عِينٌ * كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ } [الصافات: 48-49] لا ينظرون إلى غير الولي، ثم الولي قد ينظر إليهن، وفيهم من لا ينظر إليهن:
جُنِنّا على ليلى وجُنَّت بغيرنا   وأخرى بنا مجنونةٌ لا نُريدها
ثم أخبر عن إقبال أرباب الأحوال بقوله تعالى: { فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } [الصافات: 50] يشير إلى أن أهل جهنم هم الذين كانوا ممن لم يقبلوا على الله بالكلية وإن كانوا مؤمنين موحدين وإلا كانوا في مقعد صدق مع المقربين.