الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىٰ إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ } * { وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ } * { وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ } * { وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُواْ هُمُ ٱلْغَٰلِبِينَ } * { وَآتَيْنَاهُمَا ٱلْكِتَابَ ٱلْمُسْتَبِينَ } * { وَهَدَيْنَاهُمَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } * { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي ٱلآخِرِينَ } * { سَلاَمٌ عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ } * { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } * { إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلاَ تَتَّقُونَ } * { أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ ٱلْخَالِقِينَ } * { ٱللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ } * { فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } * { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ } * { سَلاَمٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ } * { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } * { إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ }

يقول الله تعالى: { وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىٰ إِسْحَاقَ } [الصافات: 113] يشير إلى أنه بارك على إبراهيم الروح، وإسحاق القلب، { وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا } [الصافات: 113]؛ أي: ومما يتولد من صفاتهما { مُحْسِنٌ } [الصافات: 113] في الطاعة والعبودية بالإخلاص، { وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ } [الصافات: 113]؛ أي: ظالم ظَلَمَ على نفسه في طلب الحق تعالى.

ثم أخبر عن أبناء الأنبياء بقوله تعالى: { وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ } [الصافات: 114]، يشير إلى موسى القلب وهارون السر بأن نجاهما من غرق بحر الدنيا وماء شهواتها، كما قال تعالى: { وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ * وَنَصَرْنَاهُمْ } [الصافات: 115-116]؛ يعني: موسى القلب وهارون السر وصفاتهم، على فرعون النفس وصفاتهما، { فَكَانُواْ هُمُ ٱلْغَٰلِبِينَ * وَآتَيْنَاهُمَا ٱلْكِتَابَ ٱلْمُسْتَبِينَ } [الصافات: 116-117] من العلوم الحقيقية والإلهامات الربانية، { وَهَدَيْنَاهُمَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } [الصافات: 118] إلى الحضرة، { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي ٱلآخِرِينَ } [الصافات: 119] بالثناء الحسن عليهما وبالاقتداء بهما، { سَلاَمٌ عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ } [الصافات: 120] سلام الحفظ والرعاية وسلامتها عن الآفات بالكلأة، { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } [الصافات: 121] بالإحسان والتوفيق للإحسان، { إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ } [الصافات: 122]، يشير إلى أن من توفيقنا إياهما للإحسان وفقناهما ليكونا من عبادنا المؤمنين؛ يشير إلى أن من توفيقنا إياهما للإحسان وفقناهما ليكونا من عبادنا المؤمنين.

{ وَإِنَّ إِلْيَاسَ } [الصافات: 123] الروح { لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } [الصافات: 123]، فقد أرسل إلى قومه من القلب والنفس وصفاتهما { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلاَ تَتَّقُونَ } [الصافات: 124]، فتقوى القلب أن تبقى بالله من الله، كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم إذ يقول: " أعوذ بك منك " ، وتقوى النفس أن يتقي برضاه من سخطه وبما فاته من عقوبته، { أَتَدْعُونَ بَعْلاً } [الصافات: 125]؛ أي: أتدعون بعل الدنيا القبيحة، { وَتَذَرُونَ } [الصافات: 125] عبادة { أَحْسَنَ ٱلْخَالِقِينَ } [الصافات: 125]، الذي خلقكم وخلق أباءكم الأولين؛ يعني: الأرواح والآباء العلوية، وذلك قوله: { ٱللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ } [الصافات: 126]، { فَكَذَّبُوهُ } [الصافات: 127] أي: النفس وصفاتها { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } [الصافات: 128]، من عبودية غير الحق، وهم القلب والسر وأوصافهما، { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ } [الصافات: 129]؛ أي: الثناء الحسن على إلياس الروح { فِي ٱلآخِرِينَ } [الصافات: 129] من الأنبياء والأمم.

{ سَلاَمٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ } [الصافات: 130]؛ أي: القلب والسر وأوصافهما من عبودية غير الحق، وهم القلب والسر وأوصافهما، فإنهم إل ياسين الروح، { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } [الصافات: 131]، بأن يحسن معهم بتقديم سلامنا عليهم، سلام السلامة في العبودية على الدارين، والخلاص عن آفات الكونين، وبأن نجعله من عبادنا المؤمنين المخلصين عن عبودية الهوى والدنيا والعقبى.