الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ } * { قَالُواْ يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ } * { إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ } * { فَٱلْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } * { إِنَّ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ ٱليَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ } * { هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ عَلَى ٱلأَرَآئِكِ مُتَّكِئُونَ } * { لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ } * { سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } * { وَٱمْتَازُواْ ٱلْيَوْمَ أَيُّهَا ٱلْمُجْرِمُونَ }

{ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ } [يس: 51] يشير إلى نفخ إسرافيل المحبَّة في صور القلب، وإذا السر والروح والخفى من أحداث أوصاف البشرية إلى نفخ إسرافيل وهم يرجعون بعضهم بالسير وبعضهم بالطير، { قَالُواْ يٰوَيْلَنَا } [يس: 52] أي: من رقادنا في الغفلة { مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا } [يس: 52] غير فضل الله وكرمه، { هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ } [يس: 52] من كمال رحمته { وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ } [يس: 52] فيما بلغوا من ألطاف الحق تعالى، { إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً } [يس: 53] يشير إلى جذبة واحدة، { فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ } [يس: 53] بالخروج من لدنهم والغيبة عنهم.

{ فَٱلْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً } [يس: 54] من استحقاقها وما هي مستعدة لقبوله، { وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [يس: 54]، فمن عمل للدنيا يُجزى من الدنيا، ومن عمل للآخرة يُجزى منها، ومن عمل لله يُجزى عواطف حسانه وشواهد سلطانه.

ثم أخبر عن أهل الجنان وأرباب الجنان بقوله تعالى: { إِنَّ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ ٱليَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ } [يس: 55] وفيه إشارة:

منها: إنه لما كان الغالب عليهم طلب الجنة والأخذ بمجامع قلبهم أَمْرُها: أضيفوا إليها، قيل لهم: إن أصحاب الجنة كما أنه من الغالب عليه طلب الدنيا، وهو في أسْرِها أضيف إليها، وقيل له: صاحب الدنيا.

ومنها: إنه لما كانت هممهم مقصورة على طلب الجنة شغلهم الله بالفاكهة مع أزواجهم عن طلب الله دون المعاشقة عند المشاهدة والمعاينة، وهو قوله: { هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ عَلَى ٱلأَرَآئِكِ مُتَّكِئُونَ } [يس: 56] أي: يكونوا متكئين على هذه الحالة وهذه الأحوال، وإن جلت عنهم بالنسبة إلى أصحاب الجحيم، ولكنها بالإضافة إلى أحوال السادة والأكابر من الملوك والسلاطين، الذين هم أهل الله وخاصته يتقامرون.

وعلى هذا يدل قوله صلى الله عليه وسلم: " إن أكثر أهل الجنة البله " ، عن بعض أرباب النظر أنه كان واقفاً على باب الجامع يوم الجمعة، والخلق قد فرغوا من الصلاة وهم يخرجون عن الجامع، قال: " هؤلاء حشر الجنة " ، وللمجالسة أقوام آخرون، ومن كان في الدنيا عن الدنيا حُراً فلا يبعد أن يكون في الجنة عن الجنة حراً،يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ } [البقرة: 105]، ولعل يكون هذا الخطاب لأقوام فارغين عن الالتفات إلى الكونين مراقبين للمشاهدات، الذين قال الله فيهم:فَإِذَا فَرَغْتَ } [الشرح: 7] بعني: عن تعلقات الكونينفَٱنصَبْ } [الشرح: 7]؛ أي: اطلب الحق تعالى:وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَٱرْغَبْ } [الشرح: 8]، فيقول لهم: { إِنَّ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ ٱليَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ } [يس: 55] { وَأَزْوَاجُهُمْ } [يس: 56] أي: أشكالهم، فارغبوا أنتم إليَّ واشتغلوا بي، وتنعموا بنعيم وصالي، وتلذذوا لمشاهدة جمالي، وتصدروا بطالعة جلالي.

السابقالتالي
2