الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّآ إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ } * { وَمَا عَلَيْنَآ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } * { قَالُوۤاْ إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُواْ لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { قَالُواْ طَائِرُكُم مَّعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ } * { وَجَآءَ مِنْ أَقْصَا ٱلْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يٰقَوْمِ ٱتَّبِعُواْ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { ٱتَّبِعُواْ مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُّهْتَدُونَ } * { وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ ٱلرَّحْمَـٰنُ بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلاَ يُنقِذُونَ } * { إِنِّيۤ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { إِنِّيۤ آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَٱسْمَعُونِ } * { قِيلَ ٱدْخُلِ ٱلْجَنَّةَ قَالَ يٰلَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ } * { بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ ٱلْمُكْرَمِينَ }

{ قَالُواْ رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّآ إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ * وَمَا عَلَيْنَآ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ * قَالُوۤاْ إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُواْ لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ } [يس: 16-18] وذلك أن الإلهام والجذبة يقويان القلب وصفاته ويذيبان النفس وصفاتها ويمنعان النفس عن استيفاء شهواتها والبلد بلدتنا الدنيا فلهذا أنشأ النفس وصفاتها بهؤلاء المرسلين { قَالُواْ طَائِرُكُم مَّعَكُمْ } أي: جاء هذا الشؤم معكم لا من العدم.

كما قال تعالى:وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ } [الإسراء: 13] وهو بعد في العدم { أَئِن ذُكِّرْتُم } علمتم هذا التحقيق وتيقنتم { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ } أيتها النفس وصفاتها في موافقة الطبع ومخالفة الحق تعالى، { وَجَآءَ مِنْ أَقْصَا ٱلْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ } [يس: 20] يشير إلى صفة الروح المشتاق إلى جمال الحق تعالى.

{ قَالَ يٰقَوْمِ ٱتَّبِعُواْ ٱلْمُرْسَلِينَ * ٱتَّبِعُواْ مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً } [يس: 20-21] أي: لا مشرب لكم من مشاربكم { وَهُمْ مُّهْتَدُونَ } [يس: 21] إلى الحق تعالى { وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي } [يس: 22] به يشير إلى كلام الروح وذلك لأنه أول خلق فطره الله تعالى بأمر كن لا من شيء أي: كيف بي ألا أعبد من خلقني قبل كل شيء فكتب لعبده في عالم الأرواح قبل خلق الأجسام بألفي عام ولم يكن لي شريك في العبودية كما لم يكن له شريك في الألوهية { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [يس: 22]يٰأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ } [الفجر: 27] وصفاتها بقوله:ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ } [الفجر: 28] ومن كلام الروح، { أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً } [يس: 23] من الدنيا والهوى والشيطان.

{ إِن يُرِدْنِ ٱلرَّحْمَـٰنُ بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلاَ يُنقِذُونَ } [يس: 23] { إِنِّيۤ إِذاً } [يس: 24] بعبادة غير ربي { لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ * إِنِّيۤ آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَٱسْمَعُونِ } [يس: 24-25] فأجيبوا لي وآمنوا بربكم، وإنما قال: آمنت بربكم وما قال آمنت بربي ليعلموا أن ربهم هو الذي يعبده فيعبدوا ربهم؛ ولذا قال: آمنت بربكم؛ لعلهم يقولون: أنت تعبد ربك ونحن نعبد ربنا وهو آلهتهم.

قوله: { قِيلَ ٱدْخُلِ ٱلْجَنَّةَ } [يس: 26] يشير إلى أن الروح بالجذبة الإلهية يجذب إلى الحضرة قبل النفس وصفاتها والنفس حين تتشرف بتشريف الجذبة قيل لها أولاً:فَٱدْخُلِي فِي عِبَادِي } [الفجر: 29] وهي عبارة عن عالم الأرواح، ثم قيل لها:وَٱدْخُلِي جَنَّتِي } [الفجر: 30]، ومن كلام الروح { قَالَ يٰلَيْتَ قَوْمِي } [يس: 26] وهم النفس وصفاتها { يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ ٱلْمُكْرَمِينَ } [يس: 26-27] لم يرغبوا في نعيمها ويرغبوا عن الدنيا وشهواتها فإنها جحيمها.