الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِّكْرَ وَخشِيَ ٱلرَّحْمـٰنَ بِٱلْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ } * { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي ٱلْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِيۤ إِمَامٍ مُّبِينٍ } * { وَٱضْرِبْ لَهُمْ مَّثَلاً أَصْحَابَ ٱلقَرْيَةِ إِذْ جَآءَهَا ٱلْمُرْسَلُونَ } * { إِذْ أَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوۤاْ إِنَّآ إِلَيْكُمْ مُّرْسَلُونَ } * { قَالُواْ مَآ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَآ أَنَزلَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ }

{ إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِّكْرَ } [يس: 11] بالمداومة عليه { وَخشِيَ ٱلرَّحْمـٰنَ بِٱلْغَيْبِ } [يس: 11] يعني: بنور غيبي يشاهد وخاصة عاقبة الكفر والعصيان ويتحقق عنده بشواهد الحق كماليته حلاوة الإيمان ورفعة رتبة العرفان { فَبَشِّرْهُ } [يس: 11] أنهم استوجبوا { بِمَغْفِرَةٍ } [يس: 11] منه خالصة { وَأَجْرٍ كَرِيمٍ } [يس: 11] يناسب كرمه.

ثم أخبر عن إنعامه العميم وأجره الكريم بقوله تعالى: { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي ٱلْمَوْتَىٰ } [يس: 12] أي: نحيي قلوباً ماتت بالقسوة بماء يمطر عليها من ضروب الإقبال والزلفة، { وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ } [يس: 12] من الأنفاس المتصاعدة ندماً على ما فرطوا فيه أو شوقاً إلى لقائنا { وَآثَارَهُمْ } [يس: 12] خطأ أقدام صدقهم على بساط التقرب إلينا وتزرف دموعهم على عرصات خدودهم { وَكُلَّ شيْءٍ } [يس: 12] مما يتقربون به إلينا { أَحْصَيْنَاهُ فِيۤ إِمَامٍ مُّبِينٍ } [يس: 12] ثبتنا آثاره وأنواره في لوح محفوظ قلوب أحبابنا.

وقوله: { وَٱضْرِبْ لَهُمْ مَّثَلاً أَصْحَابَ ٱلقَرْيَةِ إِذْ جَآءَهَا ٱلْمُرْسَلُونَ } [يس: 13] إلى قوله:فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ } [يس: 29] يشير إلى أصناف ألطافه مع أحبابه وأنواع قهره مع أعدائه منها ضرب مثلاً لأصحاب قرية القلوب { إِذْ جَآءَهَا ٱلْمُرْسَلُونَ } [يس: 13] من ألطافه كرة بعد مرة، { إِذْ أَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱثْنَيْنِ } [يس: 14] رسولين من الخواطر الروحانية والإلهامات الربانية بالتجافي عن دار الغرور وللإنابة إلى دار الخلود، { فَكَذَّبُوهُمَا } [يس: 14] النفس وصفاتها { فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ } [يس: 14] من الجذبة { فَقَالُوۤاْ إِنَّآ إِلَيْكُمْ مُّرْسَلُونَ * قَالُواْ } [يس: 14-15] أي: النفس وصفاتها { مَآ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا } [يس: 15] أي: ما أنتم إلا الخواطر البشرية { وَمَآ أَنَزلَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مِن شَيْءٍ } [يس: 15] أي: من خاطر الإلهام والجذبة { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ } [يس: 15] بالانتماء إلى الحضرة.