الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ جَاعِلِ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً أُوْلِيۤ أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي ٱلْخَلْقِ مَا يَشَآءُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ ٱللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } * { وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ }

{ ٱلْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } [فاطر: 1] يشير إلى أن ذاته تعالى مستحق للمدح والثناء والشكر من الأزل إلى الأبد بحمد أزلي أبدي وهو حمده لذاته تعالى فهو الحامد والمحمود، كما قال: المراد فاطر خالق مبدئ معناه أول شيء تعلقت به القدرة سماوات الأرواح { وَٱلأَرْضِ } [فاطر: 1] أرض النفوس، ثم بقوله: { جَاعِلِ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً } [فاطر: 1] يشير إلى أنه تعالى خلق الملائكة وخلق أرواح الإنسان وبقوله: { أُوْلِيۤ أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ } [فاطر: 1] يشير إلى كمالية استعداد بعضهم على بعض { يَزِيدُ فِي ٱلْخَلْقِ مَا يَشَآءُ } [فاطر: 1] يشير إلى زيادة فيما خلق من الأرواح والملائكة وما يندرج تحت الخلقية، فإنه ذكر أشرف المخلوقات.

ثم قال { يَزِيدُ فِي ٱلْخَلْقِ مَا يَشَآءُ } [فاطر: 1] يعني: يزيد في الخلق ما ليس الخلق وهو الفيض الإلهي وهو حقيقة الأمانة التي اختص الإنسان بحمدها، وأنه تعالى زاد في استعداد الإنسان حسن تقويم لقبول الفيض الإلهي على استعداد الملك، ولهذا أبين أن يحملنها وأشفقن منها ومن أكرم هاهنا فهذه الزيادة في خليقته يكرم غداً بتلك الزيادة التي قال تعالى:لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } [يونس: 26] وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الزيادة بالرؤية، وذلك لأن رؤية الله ليست من الخلق وليس للخلق استعداد رؤية الله.

كما قال تعالى:لاَّ تُدْرِكُهُ ٱلأَبْصَٰرُ } [الأنعام: 103] بل بنور فيضه وهي مخلوقة الحسنى أي: الجنة وهي مخلوقة وزيادة يعني على المخلوق وهي من المواهب الإلهية بإفاضة الفيض الإلهي بحسب استعداد الخلق في قبولها { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } [فاطر: 1] من الاستعدادات في قبول هذه الزيادة والإباء عنها { قَدِيرٌ } [فاطر: 1].

{ مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ } [فاطر: 2] أي: من رحمة هذه الزيادة من الفيض { فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا } [فاطر: 2] من المخلوقات شيء { وَمَا يُمْسِكْ } [فاطر: 2] من رحمة هذا الفيض من الملك { فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ } [فاطر: 2] يعني: من الفيض الإلهي { مِن بَعْدِهِ } [فاطر: 2] أي: بعد الله { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } [فاطر: 2] فبعزته أمسك فيضه ممن أمسك { ٱلْحَكِيمُ } [فاطر: 2] فبحكمته أرسل فيضه إلى من أرسل.

وبقوله: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } [فاطر: 3] يشير إلى الناسين للأيام التي كانوا في جواره { ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } [فاطر: 3] في ذلك الجوار فمن ذكر نعمته فصاحب عبادة وقابل زيادة ومن ذكر المنعم فصاحب إرادة ومحبة ونائل زيادة ولكن فرقاً بين زيادة وزيادة هذا زيادته في الدارين عطاؤه، وهذا زيادته في الدارين لقاؤه اليوم شراً بشر من حيث المشاهدة وغداً جهراً بجهر من حيث المعاينة والنعمة على قسمين: ما دفع من المحن، وما منح من المنن، فذكره عما دفع عنه يوجب دوام العصمة وذكره لما نفعه به يوجب تمام النعمة.

السابقالتالي
2