الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ أَهَـٰؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } * { قَالُواْ سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } * { فَٱلْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلاَ ضَرّاً وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } * { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُواْ مَا هَـٰذَا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُكُمْ وَقَالُواْ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ إِفْكٌ مُّفْتَرًى وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } * { وَمَآ آتَيْنَاهُمْ مِّنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَآ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِّن نَّذِيرٍ }

ثم أخبر عن حال النشر والحشر بقوله: { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ أَهَـٰؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } [سبأ: 40] يشير إلى أنه كما يعبد قوم الملائكة يقول الشيطان وإذا سأل الملائكة { أَهَـٰؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } [سبأ: 40] يبشرون الملائكة منهم وينزهون الله ويقولون سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن كذلك من يعبد الله بقول الوالدين والأستاذين أو أهل بلده أو بالتعصب والهوى كما يعبدون اليهود والنصارى والصابئون والمجوس وأهل البدع والأهواء يتبرأ منه ويقول: أنا منزه من أن أعبد، يقول: من يعبدني بالهوى أو أعبد بالهوى فإن من عبدني بالهوى فقد عبد الهوى ومن عبدني بإعانة أهل الهوى إياه على تعبدي فقد عبد أهل الهوى لأنه ما عبدني مخلصاً كما أمرتهوَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } [البينة: 5] ولهذا المعنى أمرنا الله عز وجل أن نقول في عبادته في الصلاةإِيَّاكَ نَعْبُدُ } [الفاتحة: 5] أي: لم نعبد غيركوَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } [الفاتحة: 5] على عبادتك لنعبدك بإعانتك لا بإعانة غيرك.

وبقوله: { أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } [سبأ: 41] يشير إلى أن أكثر مدعي الإسلام بأهل الهوى يؤمنون أي: بتقليدهم وتصديقهم فيما يقيمون إليه من البدع والاعتقاد السوء وبقوله: { فَٱلْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلاَ ضَرّاً } [سبأ: 42] يشير إلى أن من علق قلبه بالأغيار وظن صلاح حاله من الاحتيال والاستعانة بالأمثال والأشكال نزع الله الرحمة من قلوبهم ويتركهم ويشوش أحوالهم، فلا لهم من الأشكال والأمثال معونة ولا لهم من عقولهم في أمورهم استبصار ولا إلى الله رجوع إلا في الدنيا، فإن رجعوا إليه في الآخرة لا يرحمهم ولا يجيبهم كما قال: { وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ } [سبأ: 42] عبدوا غير الله { ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ } [سبأ: 42] نار البعد والقطيعة { ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } [سبأ: 42].

وبقوله: { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُواْ مَا هَـٰذَا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُكُمْ } [سبأ: 43] يشير إلى أن صاحب نظر من أرباب الولاية إذا دل الناس على الله ودعاهم إليه قال إخوانهم السوء وإخوانهم الجهلة، والمهجرون من أهل الغفلة من الأقارب ومن أبناء الدنيا، وربما كان من العلماء السوء الذين أسكرتهم محبة الدنيا وقال صلى الله عليه وسلم فيهم: " أولئك قطاع الطريق على عبادي " هذا رجل يريد اصطيادكم واستتباعكم لتكونوا من أتباعه وأعوانه ومريديه، ويصدكم عن مذاهبكم ويطمع في أموالكم ومن ذا الذي يطيق أن يترك الدنيا بالكلية ويقطع عن أقاربه وأهاليه ويضيع أولاده ويعق والديه، وليس هذا طريق الحق وإنك لا تتم هذا الأمر ولا بد لك من الدنيا ما دمت تعيش وأمثال هذا حتى يميل ذلك المسكين من مدلول النصح في الإقبال على الله والإعراض عن الدنيا، وربما كان له هذا من خواطره الذميمة نية وهواجس نفسه الردية فيهلك ويضل { وَقَالُواْ مَا هَـٰذَآ } [سبأ: 43] يعني نصح هذا الناصح { إِلاَّ إِفْكٌ مُّفْتَرًى } [سبأ: 43] لأغراض فاسدة { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } [سبأ: 43] وجحدوا وأنكروا { لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ } [سبأ: 43] على لسان أولياء الله وأهل الحق { إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } [سبأ: 43].

السابقالتالي
2