الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ أَنِ ٱعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي ٱلسَّرْدِ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } * { وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ ٱلْقِطْرِ وَمِنَ ٱلْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ } * { يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَٱلْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ ٱعْمَلُوۤاْ آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ } * { فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ ٱلْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ٱلْغَيْبَ مَا لَبِثُواْ فِي ٱلْعَذَابِ ٱلْمُهِينِ }

{ أَنِ ٱعْمَلْ سَابِغَاتٍ } [سبأ: 11] وهي الحِكم البالغة التي تظهر ينابيعها من قلبه على لسانه { وَقَدِّرْ فِي ٱلسَّرْدِ وَٱعْمَلُواْ } [سبأ: 11] أي: في سرد الحديث بأن يتكلم بالحكمة على قدر عقول الناس.

وأشار بقوله: { وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً } [سبأ: 11] أي: جميع أعماله الظاهرة أن يعمل في العبودية كل واحدة منها عملا يصلح لها ولذلك خلقت { إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ } [سبأ: 11] كل واحدة منهن { بَصِيرٌ } [سبأ: 11] واحدة فيها عملاً يصلح لها ولذلك وبالبصارة خلقتكم وقيل: أوحى الله إلى داود وكانت تلك الزلة مباركا عليك، فقال: رب كيف تكون الزلة مباركة؟ فقال: كنت تجئ قبلها كما يجئ المطيعون فالآن يجيء كما تجيء أهل الذنوب وفيما أوحى الله للمخاطبين غيرة منه إليه: " يا داود أنين المذنبين أحب إلي من صراخ العابدين " وصلاته في الدين، فلما وقع له ما وقع كان يقول: اللهم اغفر للمذنبين وقيل: لما تاب الله عليه واجتماع الجن والإنس والطير لمجلسه فلما رفع صوته وأدار لسانه في حنكه على حسب ما كان من عادته تفرقت الطيور وقالوا: الصوت صوت داود والحال ليست تلك، فبكى داود عليه السلام وقال: ما هذا يا رب فأوحى الله إليه: يا داود هذا من وحشة الزلة وكانت أنس الطاعة.

وبقوله تعالى: { وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ } [سبأ: 12] يشير إلى القلب وسيره إلى عالم الروح وسرعته في السير للطافته بالنسبة إلى كثافة النفس وإبطائها في السير، وذلك لأن مركب النفس في سير البدن وهو كبير بطئ السير ومركب القلب في السير هو الجذبة الإلهية وهي من صفات لطفه، كما قال صلى الله عليه وسلم: " قلوب العباد بيد الله يقلبها كيف يشاء " ويقلبها إلى الحضرة برياح العناية اللطف كما قال صلى الله عليه وسلم: " قلب المؤمن كريشة في فلاة يقلبها ظهرا عن بطن " وهذا حقيقة قوله { وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ } أي: لسليمان القالب سخرنا ريح العناية ليسير به وهو ابن داود الروح وبساطة الذي كان يجلسه وتجري به الريح هو السر، ولهذا المعنى قيل: أن سليمان في مسيره لاحظ ملكه يوماً فمال الريح ببساطه، فقال سليمان للريح استو، فقالت الريح: استو أنت ما دمت مستوياً بقلبك كنت مستويا فملت وملت كذلك حال السر مع القلب وريح العناية إذا زاغ القلب أزاغ الله بريح الخذلان بساط السرإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ } [الرعد: 11].

وبقوله: { وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ ٱلْقِطْرِ } [سبأ: 12] يشير إلى عين الحقائق والمعاني { وَمِنَ ٱلْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ } [سبأ: 12] أي: وسخرنا له صفات الشيطان ليعمل بين يديه بإذن الله أي على وفق أمره ونهيه بطبيعته الشيطانية ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2 3