الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَٰكَ شَٰهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً } * { وَدَاعِياً إِلَى ٱللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً } * { وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً } * { وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّـلْ عَلَى ٱللَّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِـيلاً } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نَكَحْتُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً }

وبقوله: { تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ } [الأحزاب: 44] يشير إلى أن التحية إذا قرنت بالرؤية واللقاء إذا قرن بالتحية لا يكون إلا بمعنى رؤية البصر والتحية خطاب يفاتح به الملوك، فبهذا أخبر عن علو شأنهم ورفعة درجتهم، وأنهم قد سلموا عن آفات القطيعة بدوام الوصلة.

وبقوله: { وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً } [الأحزاب: 44] يشير إلى سبق العناية الأزلية في حقهم؛ لأن في الإعداد تعريفاً بالإحسان السابق والأجر الكريم ما يكون سابقاً على العمل؛ بل يكون العمل من نتائج ذلك الكرم.

ثم أخبر عن أفضاله بإرسال نبيه بقوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَٰكَ شَٰهِداً } [الأحزاب: 45] يشير إلى محبوبيته أي: إنا أرسلناك من العدم إلى عالم الوجود { شَٰهِداً } أي: شاهداً لنا ببعث المحبوبية وشاهداً البيان بعطف المحبة { وَمُبَشِّراً } [الأحزاب: 45] لعبادنا المحبين الطالبين برؤية جمالنا { وَنَذِيراً } [الأحزاب: 45] للطالبين الغافلين عن كمال حسننا وحسن كمالنا { وَدَاعِياً } [الأحزاب: 46] كلا الفريقين إلى الله إلى عالم ألوهيته بإذنه { وَسِرَاجاً مُّنِيراً } [الأحزاب: 46] أي: بأمرنا لا بطبعك ورائك؛ لأنه لا يهتدي أحد إلى عالمنا إلا بنا، وقد اختص نبينا صلى الله عليه وسلم برتبة دعوة الخلق إلى الله من بين سائر الأنبياء والمرسلين فإنهم كانوا مأمورين بدعوة الخلق إلى الجنة واختصاصه صلى الله عليه وسلم من العالم السفلي إلى العالم العلوي ومن الملك إلى الملكوت، ومن الملكوت إلى عالم الجبروت والعظموت لجذبة " أدن مني " وقرب إلى مقام قاب قوسين أو أدنى إلى أن نور سراج قلبه بنور الله بلا واسطة ملك أو نبي ومن هنا قال: " لي مع الله وقت لا يسعني فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل " لأنه كان في مقام الوحدة فلا يصل إليه أحد إلا على قدمي الفناء عن نفسه والبقاء بربه فناءً بالكلية وبقاء بالكلية بحيث لا يبقى نار نور الإلهية من حطب وجوده قدر ما يصعد منه دخان نفسي، وما بلغ كمال هذه الرتبة إلا نبينا صلى الله عليه وسلم فإنه من بين سائر الأنبياء يقول: " أمتي أمتي " وناهيك عن هذا حديث المعراج أنه صلى الله عليه وسلم وجد في كل سماء نفراً من الأنبياء إلى أن بلغ السماء السابعة ووجد هناك إبراهيم عليه السلام مستنداً إلى سدرة المنتهى فعبر عنها مع جبريل إلى أقصى السدرة وبقي جبريل في السدرة فأدنى إليه الرفوف فركب عليه فأداه إلى قاب قوسين أو أدنى فهو الذي جعل الله له نوراً فأرسله إلى الخلق.

وقال:قَدْ جَآءَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ نُورٌ } [المائدة: 15] فأذن له أن يدعو الخلق إلى الله بطريق متابعته فإنهمَّنْ يُطِعِ ٱلرَّسُولَ }

السابقالتالي
2