الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ أَفَلاَ يَسْمَعُونَ } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ ٱلْمَآءَ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلاَ يُبْصِرُونَ } * { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { قُلْ يَوْمَ ٱلْفَتْحِ لاَ يَنفَعُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِيَمَانُهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } * { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَٱنتَظِرْ إِنَّهُمْ مُّنتَظِرُونَ }

وبقوله: { أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ } [السجدة: 26] يشير إلى عذر الهالكين بأنه ما هلك أحد بنفسه إلا بإهلاكنا إياهم { يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ } [السجدة: 26] التي أسكناهم فيها على أقدام الهلاك فمن المهلكين من يهده الله إلى أن الله الذي هو أهلك فهو المهتدي، ومن أمارة علم من يعلم أن الله أهلكه أن يعلم ويهتدي إلى أن الله هو يحييه فيرجع إلى الله بالتوبة والاستغفار ليحييه كما أهلكه { إِنَّ فِي ذَلِكَ } [السجدة: 26] الإهلاك { لآيَاتٍ } [السجدة: 26] بأن الله هو المهلك والمحيي { أَفَلاَ يَسْمَعُونَ } [السجدة: 26] هذا المعنى من لسان الإهلاك؛ ليرجعوا إليه في طلب الإحياء والنجاة.

{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ ٱلْمَآءَ } [السجدة: 27] ماء الهداية { إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلْجُرُزِ } [السجدة: 27] الجرز: القلوب الميتة فيسقي حدائق وصلهم بعد جفاف عودها وزوال المأنوس من معهودها فيعود عودها مُورقاً بعد ذبوله حاكياً لحاله حال حصوله { فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً } [السجدة: 27] من الواردات التي تصلح لتربية النفوس، ومن المشاهدات التي تصلح لتغذية القلوب { تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلاَ يُبْصِرُونَ } [السجدة: 27].

{ وَيَقُولُونَ } [السجدة: 28] بالإنكار والاستهزاء { مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْفَتْحُ } [السجدة: 28] والفتوح التي تدعونها { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [السجدة: 28] في دعواها، وهذا منكري هذه الطائفة يستدعون منهم إظهاراً الكرامات وعرض الفتوحات { قُلْ يَوْمَ ٱلْفَتْحِ لاَ يَنفَعُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } [السجدة: 29] وأنكروا وجحدوا إيمانهم بما فتح الله على قلوب أوليائه إذ لم يعتدوا بهم ولم يهتدوا بهداهم، فما لهم إلا الخسران والزفرات { وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } [السجدة: 29] بنظر العناية { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } [السجدة: 30] يا طالب الصادق بالإقبال علينا وانظر لفتوحات ألطافنا { إِنَّهُمْ مُّنتَظِرُونَ } [السجدة: 30] هول مقتنا وخفايا مكرنا.