الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤـمۤ } * { تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْحَكِيمِ } * { هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ } * { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } * { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ءَايَاتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِيۤ أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ ٱلنَّعِيمِ } * { خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّاً وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَىٰ فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ } * { هَـٰذَا خَلْقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ ٱلظَّالِمُونَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ أَنِ ٱشْكُرْ للَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ }

{ الۤـمۤ } [لقمان: 1] يشير بالألف إلى آلائه، وباللام إلى لطفه وعطائه، وبالميم إلى مجده وثنائه، فبآلائه رفع الجحد من قلوب الأولياء، وبلطف عطائه أثبت المحبة في أسرار أصفيائه، وبمجده وثنائه مستغن عن جميع خلقه بوصف كبريائه { تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْحَكِيمِ } [لقمان: 2] أي: المحكم المحروس عن التغيير والتبديل وهو { هُدًى } [لقمان: 3] يهدي بهداه إلى الحق تعالى { وَرَحْمَةً } [لقمان: 3] لمن اعتصم به بوصاله بجذبات مودعة فيه إلى الله تعالى.

كما أشار إلى هذا المعنى بقوله: { وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ } [لقمان: 3] والمحسن من يعتصم بحبل القرآن متوجهاً إلى الله، ولهذا فسَّر النبي صلى الله عليه وسلم الإحسان حين سأله جبريل عن الإحسان فقال: " الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه " فمن يكون بهذا الوصف يكون لا بدَّ متوجهاً إليه حتى يراه، ولا بدَّ للمتوجه إليه أن يعتصم بحبله وإلا هو منزه عن الجهات، فلا يتوجه إليه بجهة من الجهات.

ثم شرح حال المحسنين وقال: { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ } [لقمان: 4] أي: يدعونها بصدق التوجه وحضور القلب والإعراض عما سواه، { وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ } [لقمان: 4] تزكية للنفس، فزكاة العوام من كل عشرين دينار لتزكية نفوسهم عن نجاسة البخل كما قال تعالى:خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ } [التوبة: 103]، فبإيتاء الزكاة على وجه الشرع ورعاية حقوق الأركان الأخرى نجاة العوام من النار، وزكاة الخواص من المال كلية قال صلى الله عليه وسلم: " من كان لله كان الله له ". وَهُم بِٱلآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ } [النمل: 3] بخروجهم عن الدنيا وتوجههم إلى المولى والآخرة من المنزل الثاني لمن يسير إلى الله بقدم الخروج عن منزل الدنيا فمن خرج عن الدنيا لا بدَّ له أن يكون في الآخرة فيكون موقناً بها بعد أن كان مؤمناً بها.

{ أُوْلَـٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ } [لقمان: 5] أي: أولئك اهتدوا بالله إليه بجذبات العناية { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } [لقمان: 5] يعني: هم الذين أفلحوا بالجذبات إذ خلصوا من حبس الوجود، فلما أخبر عن حال المعتصمين بحبل الله الواصلين إليه أخبر عن المعرضين عن القرآن متوجهين إلى لهو الحديث فقال: { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ } [لقمان: 6] فما يشغل عن الله ذكره ويحجب عن الله سماعه فهو لهو الحديث، وأما الغناء فمنه محرم وهو ما صرح تحريمه الشرع مثل المزامير وطبل المخنثين، ومنه ما لم يتعرض له الشرع أنه حلال أم حرام فهي كسائر المباحات، ومن جملتها مثل الدف والغناء بالكف في ظاهر الشرع كما حكم به الشافعي رحمه الله.

وأما على مذهب أهل الحقيقة فالحكم في المباح منها ما أفتى به الجنيد - قدس الله روحه - فقال: السماع على أهل النفوس حرام لبقاء نفوسهم، وعلى أهل القلوب مباح لوقوف علومهم وصفاء قلوبهم، واجب على أصحابنا لفناء حظوظهم.

السابقالتالي
2 3