الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلضَّآلُّونَ } * { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ ٱلأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ ٱفْتَدَىٰ بِهِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } * { لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ }

ثم أخبر عن الإمعان في الكفر بعد الإيمان بقوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلضَّآلُّونَ } [آل عمران: 90]، إشارة في الآيتين: إن الذين ستروا أنوار الأرواح بأستار الصفات البشرية، وحجب الأوصاف الحيوانية بعد إيمانهم بإقرار التوحيد عند الميثاق، إذا قال:أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ } [الأعراف: 172]، { ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً } [آل عمران: 90]، بمتابعة الهوى ومخالفة الشرع والحق، وتربية الصفات السبعية والشيطانية، { لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ } [آل عمران: 90]، الصادرة منهم باللسان دون إنابة القلب وسلامته من أوصاف الكفر؛ وهي من أحب الدنيا وإتباع الهوى والإقبال على شهوات النفس والإعراض عن الحق، { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلضَّآلُّونَ } [آل عمران: 90]، في نية البهيمية والأخلاق السبعية حالة التوبة، ولا يهيمون أن يخرجوا منها بقدم الأنانية.

{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ } [آل عمران: 91]، وضلوا في هذا النية { وَمَاتُواْ } [آل عمران: 91]؛ أي: ماتت قلوبهم { وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ ٱلأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ ٱفْتَدَىٰ بِه } [آل عمران: 91]؛ أي: بملء الأرض ذهباً من عذاب موت القلب { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [آل عمران: 91]، بموت القلب وفقد المعرفة { وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } [آل عمران: 91]، على إحياء القلب بنور المعرفة، كما أحيى الله تعالى قلب المؤمن بنور المعرفة كقوله تعالى:أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَٰهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً } [الأنعام: 122].

ثم أخبر عن نيل البر وإنه من إنفاق ما أحب إلى البر بقوله تعالى: { لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } [آل عمران: 92]، إشارة في الآية: إنكم { لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ } [آل عمران: 92]، والبار هو صفته، { حَتَّىٰ تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } [آل عمران: 92]؛ أي: من أنفسكم؛ وهي أحب الأشياء إلى الخلق، { وَمَا تُنْفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } [آل عمران: 92]؛ يعني: أنفسكم في الله { فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } [آل عمران: 92]، فبقدر ما تكونون له يكون لكم، كما قال: " من كان لله كان الله له " ، إن الفراش ما نال من بر الشمع وهو شعلة حتى أنفق مما أحبه؛ وهو نفسه، فافهم جيداً.