الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْقَصَصُ ٱلْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ ٱللَّهُ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِٱلْمُفْسِدِينَ } * { قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ ٱشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }

{ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْقَصَصُ ٱلْحَقُّ } [آل عمران: 62]، وما دونه الباطل { وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ } [آل عمران: 62]، خالق { إِلاَّ ٱللَّهُ } [آل عمران: 62]، يخلق ما يشاء كما يشاء أجزاء على السنة، أو على إظهار القدرة، { إِلاَّ ٱللَّهُ } [آل عمران: 62]، الذيهُوَ خَٰلِقُ كُلِّ شَيْءٍ } [الأنعام: 102]، ولا خالق له { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } [آل عمران: 62]، ليس له ضد ولا ند { ٱلْحَكِيمُ } [آل عمران: 62]، فيما يخلق ويحكم، ولا عبث في خلقه وحكمه { فَإِن تَوَلَّوْاْ } [آل عمران: 63]، عن حكم من أحكامه واعرضوا عنه { فَإِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِٱلْمُفْسِدِينَ } [آل عمران: 63] الذين شهد عليهم الملائكة بالفساد في قوله:أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا } [البقرة: 30]، فأجابهم بقوله تعالى: إني أعلم المصلح منهم والمفسد، ولا تعلمون منهم إلا المفسد، كقوله تعالى:وَٱللَّهُ يَعْلَمُ ٱلْمُفْسِدَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِ } [البقرة: 220]، فيجعل المفسد فداء المصلح، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا كان يوم القيامة لم يبق أحد منكم، إلا أعطى يهودياً، فقيل: هذا فداؤك من النار " ، صحيح أخرجه مسلم.

ثم أخبر عن جواب أهل الإعراض بقوله تعالى: { يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً } [آل عمران: 64]، إشارة في الآيات: إن الله تعالى أشار بقوله: { قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ } [آل عمران: 64]، إلى أن أصول الأديان كلها، إخلاص العبودية في التوحيد،وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } [البينة: 5]، وقال: { أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ ٱللَّهَ } [آل عمران: 64]، لا نطلب منه غيره { وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ } [آل عمران: 64]، في طلب الرزق ورؤية الأمور من الوسائط، { فَإِن تَوَلَّوْاْ } [آل عمران: 64]؛ يعني: من أعرض عن هذا الأصل { فَقُولُواْ ٱشْهَدُواْ } [آل عمران: 64]، أنتم لنا { بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } [آل عمران: 64]، مستسلمون لما دعانا الله إليه من التوحيد والإخلاص في العبودية، ونفي الشرك والسر في الإشهاد على الإسلام؛ ليشهد الكفار لهم يوم القيامة على الإسلام والتوحيد كما شهد لهم المسلمون كما قال صلى الله عليه وسلم لأبي سعيد الخدري رضي الله عنه: " إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك وباديتك فأذنت بالصلاة، فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن وإنس ولا شيء، إلا شهد له يوم القيامة " ، وفي رواية أخرى " لا يسمع صوتك شجر ولا حجر، ولا جن ولا إنس، إلا شهد لك " ، وفي رواية أبي هريرة رضي الله عنه " فإن المؤذن يغفر له مدى صوته، وشهد له كل رطب ويابس " ، وليكون شهادة الكفار لهم بالتوحيد يوم القيامة، حجة على أنفسهم، والله أعلم.