الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ } * { ذٰلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَٱلذِّكْرِ ٱلْحَكِيمِ } * { إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } * { ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُنْ مِّن ٱلْمُمْتَرِينَ } * { فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَاذِبِينَ }

{ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُوا } [آل عمران: 57]، واختاروا الحق على الباطل { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } [آل عمران: 57]، اتبعوا عن طريق الهدى، ونهواوَنَهَى ٱلنَّفْسَ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } [النازعات: 40]، { فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ } [آل عمران: 57] عن جنة المأوى، وتقربهم إلينا زلفى، { وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ } [آل عمران: 57]، الذين يظلمون أنفسهم بانقضاء العمر في طلب غير الله.

{ ذٰلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ } [آل عمران: 58]؛ أي: هذا نقص عليك من نبأ عيسى عليه السلام وقومه { مِنَ الآيَاتِ وَٱلذِّكْرِ ٱلْحَكِيمِ } [آل عمران: 58]، من عيسى عليه السلام، وأن مثله كمثله آدم بقوله تعالى: { إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } [آل عمران: 59].

{ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُنْ مِّن ٱلْمُمْتَرِينَ } [آل عمران: 60]، بغير ازدواج أب وأم واسطة نطفة وامشاج منخُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ } [الطارق: 6-7]، كما جرت سنة الله تعالى وخلقه الإنسان، وإنما كونه بتكوين أمر كن فكان، وهذه سنة جرت في تكوين الأرواح والملكوت لا في الأجساد والملك، فالله تعالى أجرى هذه السنة في آدم وحواء وعيسى؛ إظهاراً لقدرته، وكذلك في ثعبان موسى، وناقة صالح، وكونهما بأمر كن خرقاً للعادة؛ ليكون آية نبوتهما، ودلالة من ربك يا محمد { فَلاَ تَكُنْ مِّن ٱلْمُمْتَرِينَ } [آل عمران: 60]، في أمر عيسى أنه عبد الله، وشأن الحق أنه فاعل مختار فعال لما يريد، ليس هذا نهياً عن شك كان في النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه نهي الكينونة، قال: { فَلاَ تَكُنْ مِّن ٱلْمُمْتَرِينَ } [آل عمران: 60]، قاله في الأزل: أنه أزلي فما كان من الممترين، ولا يكون إلى الأبد.

{ فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ } [آل عمران: 61]، جاد لك في أم عيسى أنه ليس بعبد مخلوق، { مِن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ } [آل عمران: 61]، بحقيقة حاله { فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَاذِبِينَ } [آل عمران: 61]، وحياً وكشفاً فادعهم إلى المباهلة، فإنها حجة قاضية بالحق مميزة بين الصادقين والكاذبين، فكانت دعواه إياهم إلى المباهلة، وامتناعهم عنها مظهر حقيقة دعواه وبطلان دعواهم.