الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤمۤ } * { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ } * { نَزَّلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ } * { مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ ٱلْفُرْقَانَ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ } * { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ } * { هُوَ ٱلَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي ٱلأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَآءُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }

{ الۤمۤ * ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ } [آل عمران: 1-2]، والإشارة في الآية: إن الله تعالى بعد أن أظهر إلوهيته المودعة في { الۤمۤ } [آل عمران: 1]، بقوله: { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ } [آل عمران: 2]، أظهر ألطاف ربوبيته المكنونة في أستار العزة وأعطاف محبته [المخبئة] تحت قباب الغيرة مع سيد الأولين والآخرين، وحبيب رب العالمين محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاتم النبيين، أبد الآبدين ودهر الداهرين، بقوله تعالى: { نَزَّلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } [آل عمران: 3]؛ أي: نزل حقائق القرآن وأنواره على قلبك بالحقيقة؛ لتجليه لترك حقائقه لا صورة ألفاظه مكتوبة على الألواح، أحجار مقروءة كل قارئ سريانية وعبرانية دليله قوله تعالى: { نَزَّلَ عَلَيْكَ } [آل عمران: 3]، قوله تعالى: و { بِٱلْحَقِّ } [آل عمران: 3] نزل؛ يعني: بالحقيقة نزل، وقوله تعالى:ٱلرَّحْمَـٰنُ * عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ } [الرحمن: 1-2]، وقوله تعالى:عَلَّمَهُ ٱلبَيَانَ } [الرحمن: 4]، وقوله تعالى:مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ } [الشورى: 52]؛ يعني: ما كنت تعلم حقيقة الكتاب، وإلا كان يعلم ما صورة الكتاب.

ثم أخبر عن حقيقة الكتاب فقال تعالى:وَلَـٰكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا } [الشورى: 52].

ثم اعلم أن تعليم الرحمن القرآن بأن يتجلى بنور صفة الذي؛ هو حقيقة القرآن على قلب من شاء من عباده، ومن علمه الرحمن القرآن بهذا التعليم يكون عليه من الله فضلاً عظيماً، فمن ذلك الفضل العظيم عليه بعد أن ينزل على قلبه حقيقة القرآن، علمه ما لم يكن يعلم من أسرار الإلوهية المكنونة في { الۤمۤ } [آل عمران: 1]، بتعليم تجلي أنوار صفاته على قلبه، فعلم سر وحدته، { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ } [آل عمران: 2]، يدل عليه قوله تعالى:فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ } [محمد: 19]، وصارمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } [البقرة: 97]؛ يعني: فلا كوشف عند تجلي أنوار الصفات بوحدانية الذات، صار شاهد السر الله في { الۤمۤ } [آل عمران: 1]، وهو الذيبَيْنَ يَدَيِ ٱللَّهِ } [الحجرات: 1]، { لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ } [آل عمران: 2]، فصار مصدقاً تصديق تحقيق لا تصديق تقليد، فافهم جيداً، إذ لا تعلم ولا تعلم إنك لا تفهم؛ لأنه منطق الطير وأنت بعد بيضة لا من الطائرين ولا من السائرين.

ثم قال تعالى تأكيداً لهذه العاني وتشييداً لهذه المباني: { وَأَنزَلَ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ } [آل عمران: 3]، { مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ ٱلْفُرْقَانَ } [آل عمران: 4]؛ يعني: لا تظن يا محمد إن إنزال الكتب الأخرى على الأنبياء: كتنزيل القرآن بالحقيقة قلبك فتكاشف عند تجلي أنواره بأسراره، وحقائق بيني وبينك لا يطلع عليها ملك مقرب ولا نبي مرسل، وإنما أنزل الكتاب على الأنبياء والأمم، كقوله: { هُدًى لِّلنَّاسِ } [آل عمران: 4]، عمهم فيه وكنت مخصوصاً بالهداية عند تجلي أنوار القرآن في التنزيل على قلبك، كما قال تعالى:

السابقالتالي
2 3