الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ وَٱتَّبَعُواْ رِضْوَانَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ } * { إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } * { وَلاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً يُرِيدُ ٱللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي ٱلآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

ثم أخبر عن حالهم في مالهم بقوله تعالى: { فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ } [آل عمران: 174]؛ أي: من فضيلة وكمالية لم يكونوا منصفين عند خروجهم من مكان من الغيب إلى عالم الشهادة بالتجارة لهذا الربح،ذٰلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ } [المائدة: 54]، لمن اتبع رضوانه، كما قال تعالى:يَهْدِي بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ ٱلسَّلاَمِ } [المائدة: 16]، والسلام هو الله تبارك وتعالى.

{ إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَانُ } [آل عمران: 175]؛ يعني: على طريق الحق إليه، { يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ } [آل عمران: 175]؛ يعني: من لم يكن ولي الشيطان لا يخوفه، كقوله تعالى:إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } [الحجر: 42]، { فَلاَ تَخَافُوهُمْ } [آل عمران: 175]؛ لأنه ليس لأحد من الأمر شيء، { وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } [آل عمران: 175]، بأني أنا الضار النافع، وأنا المعطي وأنا المانع بهذه الأفعال، فإنها وفق الإرادة والمشيئة الأزلية،وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقْتَتَلُواْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } [البقرة: 253]، { وَلاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ } [آل عمران: 176]، إشارة إلى كمال التسليم والرضاء بالقضاء، وما يجري في العالم من الكفار وغيرهم مما يسارع به في الكفر من القتل والنهب والأسر وأمثاله، بحيث لا تحزن على شيء منها { إِنَّهُمْ } [آل عمران: 176]؛ أي: لأنهم { لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً } [آل عمران: 176]، القدرية فإنما تجري عليهم هذه الأفعال الموبقة؛ لأنه { يُرِيدُ ٱللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي ٱلآخِرَةِ } [آل عمران: 176] من الجنة ونعيمها، ويريد أن يكون { وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [آل عمران: 176]، من نار القطيعة وجحيمها ألزم الحجة على القدرية، وإن الخير والشر من الله تعالى بهذه الآية، ثم ألزم الحجة على الجبرية بآية أخرى، وقال تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً } [آل عمران: 177]، أثبت لهم الكسب والاختيار والاشتراء، { وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [آل عمران: 177]، من فقدان الإيمان ووجدان الكفر بما اشتروا الكفر بالإيمان.