الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ ٱلْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ ٱلْعَيْنِ وَٱللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَآءُ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ } * { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَاتِ مِنَ ٱلنِّسَاءِ وَٱلْبَنِينَ وَٱلْقَنَاطِيرِ ٱلْمُقَنْطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ وَٱلْخَيْلِ ٱلْمُسَوَّمَةِ وَٱلأَنْعَامِ وَٱلْحَرْثِ ذٰلِكَ مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ ٱلْمَآبِ } * { قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِّن ذٰلِكُمْ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ } * { ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ إِنَّنَآ آمَنَّا فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ } * { ٱلصَّابِرِينَ وَٱلصَّادِقِينَ وَٱلْقَانِتِينَ وَٱلْمُنْفِقِينَ وَٱلْمُسْتَغْفِرِينَ بِٱلأَسْحَارِ }

ثم أخبر عن برهان ما ادعى من الأمر فيما غلبوا يوم بدر بقوله تعالى: { ثم قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ ٱلْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } [آل عمران: 13]، إِشارة في الآية: إن الله تعالى { فِئَتَيْنِ } [آل عمران: 13]، في الظاهر من المؤمن والكافر، وفئتين في الباطن من القلب وصفاته الحميدة، { وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ } [آل عمران: 13]؛ وهي النفس الأمارة بالسوء وصفاتها الذميمة، ولهم الحرب والالتقاء على الدوام؛ وهو الجهاد الأكبر، فتارة يؤيد الله تعالى فئة القلب بالنصر ويريهم في أعين فئة النفس كثير، { يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ ٱلْعَيْنِ } [آل عمران: 13]، وتارة يؤيد فئة النفس بالنصر فيريهم في أعين فئة القلب كثيراً، { يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ ٱلْعَيْنِ } [آل عمران: 13]، فيولون وينهزمون، { وَٱللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَآءُ } [آل عمران: 13]، من القلب وجنوده وهم: الروح والسر والأوصاف الحميدة والملائكة، ومن النفس وأعوانها وهم: الهوى والدنيا والأوصاف الذميمة والشياطين و { آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ ٱلْتَقَتَا } [آل عمران: 13]، أن لو كان المنصور فيه القلب والمغلوب فيه النفس،سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ } [القمر: 45]، لا ترى النفس في فئتها إلا قليلاً، ينهزم الشيطان والدنيا والهوى فلا يبقى مع النفس من جنودها وأعوانها، إلا بعض أوصافها، فينظرون إلى جنود القلب مجتمعين تائبين يقاتلون في سبيل الله،كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ } [الصف: 4]، { يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ ٱلْعَيْنِ } [آل عمران: 13]، ولو كان المنصور فئة النفس والمغلوب فئة القلب، لا يرى القلب من فئة إلا قليلاً من أوصافه، فينظرون إلى أعوان النفس، { يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ ٱلْعَيْنِ } [آل عمران: 13]؛ لأن الهوى والدنيا والشياطين أوصاف النفس، { يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ ٱلْعَيْنِ } [آل عمران: 13]؛ لأن الهوى والدنيا والشياطين أوصاف النفس مجتمعون ثابتون مع النفس في قتال القلب، إن الله تعالى وقضائهوَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقْتَتَلُواْ } [البقرة: 253] وفق المشيئةوَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } [البقرة: 253]، { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَعِبْرَةً } [آل عمران: 13]، من رؤية الحق في الأحكام الأزلية وأجزائها على وفق المشيئة { لأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ } [آل عمران: 13]، المؤيدة بصائرهم بأنوارسَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي ٱلآفَاقِ وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ } [فصلت: 53].

ثم أخبر عن جنود الفئتين وأعوان الفرقتين بقوله تعالى: { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَاتِ مِنَ ٱلنِّسَاءِ } [آل عمران: 14]، إشارة في الآيتين: إن الله تعالى خلق الخلق على طبقات ثلاث:

عوام وهم: أرباب النفوس، والغالب عليهم الهوى والشهوات، والخواص وهم: أرباب القلوب، والغالب عليهم الهدى والتقوى، وخواص الخواص وهم: أرباب القلوب عليهم المحبة والشوق، وإن الله تعالى يذكر كل صنف منهم باسم يناسب أحوالهم، فيذكر العوام باسم الناس، كقوله تعالى:يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } [الحجرات: 13]، وقوله تعالى: { زُيِّنَ لِلنَّاسِ } [آل عمران: 14]، والناس مشتق من النسيان، ويذكر الخواص باسم المؤمن

السابقالتالي
2 3